(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) نفعه. (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) ضره. (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فيفعل بهم ما ليس له أن يفعله.
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)(٤٨)
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) أي إذا سئل عنها إذ لا يعلمها إلا هو. وما تخرج من ثمرة من أكمامها من أوعيتها جمع كم بالكسر. وقرأ نافع وابن عامر وحفص (مِنْ ثَمَراتٍ) بالجمع لاختلاف الأنواع ، وقرئ بجمع الضمير أيضا و (ما) نافية و (مِنْ) الأولى مزيدة للاستغراق ، ويحتمل أن تكون موصولة معطوفة على (السَّاعَةِ) و (مِنْ) مبينة بخلاف قوله : (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ) بمكان. (إِلَّا بِعِلْمِهِ) إلا مقرونا بعلمه واقعا حسب تعلقه به. (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي) بزعمكم. (قالُوا آذَنَّاكَ) أعلمناك. (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) من أحد يشهد لهم بالشركة إذ تبرأنا عنهم لما عاينا الحال فيكون السؤال عنهم للتوبيخ ، أو من أحد يشاهدهم لأنهم ضلوا عنا. وقيل هو قول الشركاء أي ما منا من يشهد لهم بأنهم كانوا محقين.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ) يعبدون. (مِنْ قَبْلُ) لا ينفعهم أو لا يرونه. (وَظَنُّوا) وأيقنوا. (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) مهرب والظن معلق عنه بحرف النفي.
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ)(٥٠)
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) لا يمل. (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) من طلب السعة في النعمة ، وقرئ «من دعاء بالخير». (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ) الضيقة. (فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) من فضل الله ورحمته وهذا صفة الكافر لقوله : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) وقد بولغ في يأسه من جهة البنية والتكرير وما في القنوط من ظهور أثر اليأس.
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) بتفريجها عنه. (لَيَقُولَنَّ هذا لِي) حقي أستحقه لمالي من الفضل والعمل ، أولي دائما لا يزول. (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) تقوم. (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) أي ولئن قامت على التوهم كان لي عند الله الحالة الحسنى من الكرامة ، وذلك لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا فلاستحقاق لا ينفك عنه. (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) فلنخبرنهم. (بِما عَمِلُوا) بحقيقة أعمالهم ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها. (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) لا يمكنهم التقصي عنه.
(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ)(٥٢)
(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ) عن الشكر. (وَنَأى بِجانِبِهِ) وانحرف عنه أو ذهب بنفسه وتباعد عنه بكليته تكبرا ، والجانب مجاز عن النفس كالجنب في قوله : (فِي جَنْبِ اللهِ). (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) كثير مستعار مما له عرض متسع للاشعار بكثرته واستمراره ، وهو أبلغ من الطويل إذ الطول أطول