الصّوفِيَّ المُتَصَنِّعَ».
قالَ : وكانَ مِن شَأنِ أحمَدَ بنِ هِلالٍ أنَّهُ قَد كانَ حَجَّ أربَعا وخَمسينَ حَجَّةً ؛ عِشرونَ مِنها عَلى قَدَمَيهِ.
قالَ : وكانَ رُواةُ أصحابِنا بِالعِراقِ لَقوهُ وكَتَبوا مِنهُ ، وأنكَروا ما وَرَدَ في مَذَمَّتِهِ ، فَحَمَلُوا القاسِمَ بنَ العَلاءِ عَلى أن يُراجِعَ في أمرِهِ ، فَخَرَجَ إلَيهِ :
«قَد كانَ أمرُنا نَفَذَ إلَيكَ فِي المُتَصَنِّعِ ابنِ هِلالٍ ـ لا رَحِمَهُ اللّه ـ بِما قَد عَلِمتَ ، لَم يَزَل ـ لا غَفَرَ اللّه لَهُ ذَنبَهُ ولا أقالَهُ عَثرَتَهُ ـ يُداخِلُ في أمرِنا بِلا إذنٍ مِنّا ولا رِضىً ، يَستَبِدُّ بِرَأيِهِ ، فَيَتَحامى مِن دُيونِنا ، لا يُمضي مِن أمرِنا إلاّ بِما يَهواهُ ويُريدُ ، أرداهُ اللّه بِذلِكَ في نارِ جَهَنَّمَ ، فَصَبَرنا عَلَيهِ حَتّى بَتَرَ ١ اللّه بِدَعوَتِنا عُمُرَهُ.
وكُنّا قَد عَرَّفَنا خَبَرَهُ قَوما مِن مَوالينا في أيّامِهِ لا رَحِمَهُ اللّه ، وأمَرناهُم بِإِلقاءِ ذلِكَ إلَى الخاصِّ ٢ مِن مَوالينا ، ونَحنُ نَبرَأُ إلَى اللّه مِنِ ابنِ هِلالٍ لا رَحِمَهُ اللّه ، ومِمَّن لا يَبرَأُ مِنهُ.
وأعلِمِ الإِسحاقِيَّ ـ سَلَّمَهُ اللّه وأهلَ بَيتِهِ ـ مِمّا أعلَمناكَ مِن حالِ هذَا الفاجِرِ ، وجَميعَ مَن كانَ سَأَلَكَ ويَسأَ لُكَ عَنهُ مِن أهلِ بَلَدِهِ وَالخارِجينَ ، ومَن كانَ يَستَحِقُّ أن يَطَّلِعَ عَلى ذلِكَ ، فَإِنَّهُ لا عُذرَ لِأَحَدٍ مِن مَوالينا فِي التَّشكيكِ فيما يُودّيهِ عَنّا ثِقاتُنا ، قَد عَرَفوا بِأَنَّنا نُفاوِضُهُم سِرَّنا ، ونَحمِلُهُ إيّاهُ إلَيهِم ، وعَرَفنا ما يَكونُ مِن ذلِكَ إن شاءَ اللّه تَعالى».
وقالَ أبو حامِدٍ : فَثَبَتَ قَومٌ عَلى إنكارِ ما خَرَجَ فيهِ ، فَعاوَدوهُ فيهِ ، فَخَرَجَ :
«لا شَكَرَ اللّه قَدرَهُ ، لَم يَدعُ المَرءُ رَبَّهُ بِأَن لا يُزيغَ قَلبَهُ بَعدَ أن هَداهُ ، وأن يَجعَلَ ما مَنَّ بِهِ عَلَيهِ مُستَقَرّا ، ولا يَجعَلَهُ مُستَودَعا ، وقَد عَلِمتُم ما كانَ مِن أمرِ الدِّهقانِ ٣.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. في المصدر : «تبر» ، وما أثبتناه من بحار الأنوار ومستدرك الوسائل : ج ١٢ ص ٣١٨ ح ٤.
٢. في بحار الأنوار : «الخُلَّص» بدل «الخاصّ».
٣. هو عروة بن يحيى البغداديّ ، الذي مرّت ترجمته في ص ٦٧٩.