مفهوم الدعاء فيما يخصّ الإنسان
كان ذلك معنى «الدعاء» بشأن اللّه سبحانه وتعالى. أمّا معناه بشأن الإنسان فله استعمالات متباينة في القرآن والحديث حقيقةً ومجازاً. ١ ولا ضرورة لعرضها في مدخلنا هذا. وما هو مهمّ ضروريّ تبيانه هنا الكشف عن المفهوم الحقيقيّ لدعاء الإنسان أمام خالقه. وفيما يأتي تبويب مجمَل للآيات والأحاديث الواردة بهذا الشأن :
١. حقيقة الدعاء
يتبيّن من التأمّل في استعمال كلمة «الدعاء» في القرآن والحديث أنّ دعاء الإنسان أمام اللّه سبحانه هو في الحقيقة بمعنى عدّ نفسه عبدا للّه ومحتاجا مطلقا إليه ، وانتظار عنايته ورحمته بعبادته. ومن هنا قال الإمام الصادق عليهالسلام مبيّنا جنودَ العقل والجهل :
وَالدُّعاءُ وضِدُّهُ الاِستِنكافُ. ٢
وهذا يعني أنّ «الدعاء» من جنود العقل. والعقل هو الذي يرى الإنسان محتاجا مطلقا ، لذا يدعوه إلى عبوديّة الكمال المطلق حتّى يظفر بعنايته ورحمته من خلال عبادته. فكلّما ازدادت معرفة الإنسان كثر دعاؤه ، كما رُوي عن أمير المؤمنين عليّ قوله :
أعلَمُ النّاسِ بِاللّه ِ أكثَرُهُم لَهُ مَسأَلَةً. ٣
ولمّا سما أئمّة الدين إلى أعلى درجات العقل والمعرفة كانوا يرون أنفسهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. راجع : نضرة النّعيم : ج ٥ ص ١٩٠٤.
٢. الكافي : ج ١ ص ٢٣ ح ١٤ ، علل الشرائع : ص ١١٥ ح ١٠ ، الخصال : ص ٥٩١ ح ١٣ ، المحاسن : ج ١ ص ١٩٧ ح ٢٢ ، بحار الأنوار : ج ١ ص ١١١ ح ٧.
٣. راجع : ص ٢٥ ح ٩.