وكان ثمّة موعد بين الكعبة ووليدها في تطهيرها من مظاهر الشرك والرجس ، فكان اللقاء بينهما في يوم الفتح المبين ، وبحضور ابن عمّه النبيّ المصطفى صلى الله عليه وآله ، قال عليه السلام : «انطلق بي رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أتى بي الكعبة.
فقال لي : اجلس.
فجلستُ إلى جنب الكعبة ، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله بمنكبي ، ثمّ قال لي : انهض ، فنهضت.
فلمّا رأى ضعفي تحته قال لي : اجلس ، فنزلت وجلست.
ثمّ قال لي : يا عليّ «اصعد على منكبي» فصعدت على منكبيه ، ثمّ نهض بي رسول الله صلى الله عليه وآله فلمّا نهض بي خُيّل إليّ لو شئت نلتُ أُفُقَ السماء ، فصعدتُ فوق الكعبة ، وتنحّى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي : ألقِ صَنَمَهم الأكبر ، صنمَ قُريش ، وكان من نُحاس مؤتدّاً بأوتادٍ من حديد إلى الأرض.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : عالجه.
ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول لي : إيهٍ إيهٍ ، (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).
فلم أزل أُعالجه حتّى استمكنتُ منه.
فقال : اقذفه ، فقذفتُهُ فتكسّر ، وتردّيت من فوق الكعبة ...» (١).
وكان ذلك خاتمة مظاهر الشرك والرجس في البيت المقدّس ، وأوّل مظاهر التطهير في عهد الإسلام على يد الوصيّ المرتضى (صلوات الله عليه).
__________________
(١) المستدرك (للحاكم) ٢ : ٣٦٧ ، ومسند أحمد ١ : ٨٤ و ١٥١ ، وتاريخ بغداد (للخطيب البغدادي) ١٣ : ٣٠٣ ، والمناقب (لابن المغازلي) : ٢٠٢ / ٢٤٠ ، ومجمع الزوائد (للهيثمي) ٦ : ٢٣ ، وعلل الشرائع (للصدوق) ١ : ١٧٣ / ١ ، ومعاني الأخبار (للصدوق) : ٣٥٠ / ١.