قال : فسمع هاتفاً يقول :
خُصصتما بالولد الزكيِّ |
|
والطاهر المطهّر المرضيِّ |
إنّ اسمه من شامخ ٍ عليِّ |
|
عليٌّ اشتقَ من العليّ |
فلمّا سمع هذا خرج من الكعبة ، وغاب عن قومه أربعين صباحاً.
قال جابر : فقلت : يا رسول الله! عليك السلام ، أين غاب؟
قال : مضى إلى المبرم ليبشّره بمولد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في جبل لكام (١) فإن وجده حيّاً بشّره ، وإن وجده ميّتاً أنذره.
فقال جابر : يا رسول الله! فكيف يعرف قبره؟ وكيف ينذره؟
فقال : يا جابر! كتم ما تسمع ، فإنّه من سرائر الله تعالى المكنونة ، وعلومه المخزونة ، إنّ المبرم كان قد وصف لأبي طالب كهفاً في جبل اللكّام ، وقال له : إنّك تجدني هناك حيّاً أو ميّتاً.
فلمّا أن مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ودخله فإذا هو بالمبرم ميّتاً جسده ملفوف في مدرعتين مسجّى بهما ، وإذا بحيّتين إحداهما أشدّ بياضاً من القمر والاُخرى أشدّ سواداً من الليل المظلم ، وهما يدفعان عنه الأذى ، فلمّا أبصرتا أبا طالب غابتا في الكهف.
فدخل أبو طالب ، وقال : السلام عليك يا وليّ الله! ورحمة الله وبركاته.
فأحيى الله تعالى بقدرته المبرم ، فقام قائماً وهو يمسح وجهه وهو يشهد : «أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وأنّ علياً وليّ الله وهو الإمام من بعده».
__________________
(١) اللكّام : بالضمّ وتشديد الكاف ، ويروى بتخفيفها ، هو الجبل المشرف على أطاكيّة ، وبلاد ابن ليون والمصيّصة وطرسوس وتلك الثغور. معجم البلدان ٥ / ٢٢ ، (اللكّام).