فأصبحنا حكماء. وعلمنا الطريق الذي نتعرف به حكم الله ، والذي نصل به إلى كل حكم عادي أو عقلي في أمر دنيا أو أخرى. فأي نعمة أجل؟. وفي منة الله علينا بالتزكية بواسطة رسوله صلىاللهعليهوسلم. يقول صاحب الظلال :
«ولكنه أرسل رسوله صلىاللهعليهوسلم يطهرهم. يطهر أرواحهم من لوثة الشرك ودنس الجاهلية ، ورجس التصورات التي تثقل الروح الإنساني وتغمره. ويطهرهم من لوثة الشهوات والنزوات. فلا ترتكس أرواحهم في الحمأة. والذين لا يطهر الإسلام أرواحهم في جنبات الأرض كلها قديما وحديثا يرتكسون في مستنقع آسن وبىء من الشهوات والنزوات ، تزري بإنسانية الإنسان ، وترفع فوقه الحيوان المحكوم بالفطرة. وهي أنظف كثيرا مما يهبط إليه الإنسان بدون الإيمان ، ويطهر مجتمعهم من الربا والسحت والغش والسلب والنهب .. وهي كلها دنس يلوث الأرواح والمشاعر ويلطخ المجتمع والحياة. ويطهر حياتهم من الظلم والبغي. وينشر العدل النظيف الصريح الذي لم تستمتع به البشرية كما استمتعت في الإسلام ، وحكم الإسلام ، ومنهج الإسلام. ويطهرهم من سائر اللوثات التي تلطخ وجه الجاهلية في كل مكان من حولهم ، وفي كل مجتمع لا يزكيه الإسلام بروحه ومنهجه النظيف الطهور ...».
٥ ـ ذكرت الآية (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ، وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) بعض مهمات رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإن من الوراثة الكاملة لرسول الله أن يقوم إنسان ما بهذه الوظائف ، فيزكي الأنفس بالعلم والعمل والحال والقدوة. ويقيم حلقات التلاوة وحلقات التفسير ، وحلقات السنة ، وحلقات الفقه.
وإن على المسلمين جميعا أن يقيموا هذا أخذا وعطاء. والتلاوة واضحة. وطريق إقامتها واضحة. ويدخل فيها علم التجويد وآداب التلاوة. وتعليم الكتاب والحكمة واضح. ويدخل في ذلك علم التفسير للكتاب والسنة. ومن علم القرآن بتفسير آياته من خلال حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكون قد حقق ذلك.
وتعليمنا ما لم نكن نعلم يدخل فيه الفقه في الدين بشكل شامل في كلياته ، وجزئياته ، ويدخل فيه علم الفقه وأصوله ، وعلم التوحيد ، وأمثال ذلك. بقيت قضية التزكية. فالتزكية في الحقيقة شىء زائد على العلم. فالعلم يعطي القواعد والبيان لكل شىء. أما التزكية فهي تطبيق هذا العلم على النفس البشرية ، وأمراضها ، وأغراضها ،