الصلاح أم غلب الفساد ، ولكن عند غلب الصلاح علينا أن نحسن الظن ، لا أن لا نسيء فقط (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) (٢٤ : ١٢).
إن واقع السوء ، وفي مجتمع يغلب عليه الصلاح ، إنه شبهة غير محصورة ، فلتترك هذه الشبهة مخافة الوقوع في الإثم (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).
وترى إذا كان البعض إثما دون الكثير ، فلما ذا يجتنب الكثير ، علّه لأن الإثم ما يبطئ عن الثواب الصواب ، فيدفع إلى غير الصواب ، إما تهمة وإصابة بريء فوا ويلاه ، أو فضح مسيء فإشاعة فاحشة ، فلأن الكثير من الظن السوء يدفع إلى البعض الإثم ، يمنع هذا الكثير حيطة على ذلك القليل ، فإن عرض المؤمن عظيم كثير.
أو إذا كان الكثير الممنوع من الظن ما يرتب عليه الآثار ، فبعضه إثم في ترتيب الآثار ، لأنه قد يصادف بريئا عن الأوزار ، ولكنما الاول أولى أو هو الحق ، لأن الظن السوء باختيار سوء أيا كان ، ولان بعضه إثم فليترك كله وقاية وحيطة على حرمات المؤمنين ، وإن ما يرتب عليه الآثار كله اثم يبطئ عن الصواب ، صادف بريئا أو غير بريء ، لأن فضح المسيء حرام : ف (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) نفسانيا (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) واقعيا ـ حيث يبطئ عن الصواب والثواب بالنسبة للمؤمنين المظنون بهم ، وعجلة الحياة الإيمانية يجب أن تكون دائم الحراك سريعا في الخير بين المؤمنين ، فليجتنب ما يبطئها أو يوقفها من الظن السوء مخافة البوار : (.. وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) (٤٨ : ١٢).
وترى ان اجتناب الظن القليل الباقي بعد الكثير ليس واجبا كالكثير؟ كلا لأنه الظن المسنود إلى قاطع البرهان ، فمجانبته إذا خلاف البديهة ، لا تمكن حتى تجب ، وانما الواجب فيه ، الحفاظ على الأعراض ، إعراضا عن إفشاء ما ثبت