والروم وسواها على سواء ، و (لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) تنفي القدرة السابقة على الغنائم اللاحقة ، ولا ريب انها ونفيها تسبق الغنيمة كيفما كانت ، بشارة ملفوفة هنا ، لم يحددها وهي غيب من غيوب الله ، لبث الطمأنينة والرضا في نفوس المؤمنين بالله ، فلتكن كما هي شاملة للغنائم الاسلامية على طول الخط ، ما لم يقدروا عليها (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) ابتداء من فتح الفتوح ، ومن ثم فتح مملكتي كسرى وقيصر في حرب الفرس والروم ومن ثم فتوحات اخرى (١) ما داموا هم ناصرين لدين الله ، مسلمين لا مستسلمين.
(قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) أهي خاصة بما لم يقدروا عليها و (كانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) (٤ : ١٠٨)؟ أم هي عامة ، فما هي ميزة الغنائم المبشر بها هاهنا؟.
الجواب : أن لله إحاطة علم وقدرة بكل شيء على سواء كما تقتضيه ربوبيته ، وإحاطة عناية بقدرته لخواص عباده انتصارا لهم عند ما ضعفوا واستكانوا ، وهذه الغنائم الموعودة لهم منها (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).
لا فحسب أنكم تغنمون هنا وهناك ، فإن لكم فتحا متواصلا ما دمتم مؤمنين أوفياء ، بشارة سارة سارية المفعول لفتوحات تترى أو لا تنهزمون :
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
__________________
(١)الدر المنثور ٦ : ٧٥ ـ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) قال : هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم ، وأخرج ابن عساكر عن علي وابن عباس في الآية «فارس والروم» (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) قضى الله بها أنها لكم ، كما وأخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال «فارس والروم» ، وعن عطية قال : فتح فارس ، وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : يوم حنين ، وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : بلغنا انها مكة.
أقول : انها على اختلافها تؤيد عدم اختصاص (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) بفتح ، مكة او سواها ، كما ولفظ الآية تساعد ذلك الشمول.