وليتهم نظروا الى القرآن بعين البصيرة والاعتبار ، ام ولا اقل من قران له بسواه باختبار ، ام الى كتب قبله تشهد عليه كما هو شاهد لنفسه :
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ).
أهذا إفك قديم؟ (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) ولماذا كتاب موسى وهو قبل القبل ، لا كتاب عيسى وهو القبل؟ لأنه الأصل في التشريع (١)» (إِماماً وَرَحْمَةً) : لكتاب عيسى وهو الفرع : إماما له وللمسيح ، فضلا عنهم وهم من أتباع موسى والمسيح فليتبعوه ، وهو يحوي إشارات وبشارات بحق القرآن ونبيه!.
أهذا افك قديم (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ) : يصدق كيانه كوحي تصديقا بنفسه دون حاجة الى سواه ، ويصدق ما قبله من كتاب (مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) وغيره من كتاب أوحي الى من قبله من النبيين ، المصدقة له ، الحاملة بشاراته
إنه بينة من ربه لنبيه ، كما نبيه بينة من ربه حيث التصديق الذاتي والتصادق : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (١١ : ١٧).
هذا كتاب موسى إماما لهم أمامهم يصدق القرآن في بشارات ، وكما يصدقه في صيغة التعبير وصبغة الوحي لبشير نذير ، فليس القرآن إفكا قديما مصروفا عن وجه الحق ، لا عن كتابات الوحي ولا سواه ، فان له كيانا يستقل عن سائر الكيان ، مهيمنا على ما قبله من كتاب.
__________________
(١) وتضاهيه مقالة الجن : «إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى» اي القرآن لا «بعد عيسى» مما يؤكد اصالة التوراة قبل القرآن ، وسوف نوافيكم به في آخر السورة.