شخص من شخص ، فالآية تحمل انحس صور الهزء : أن يكون ممن علّه خير من الهازىء ، ومن قوم أو نساء ، وإن كان سواهما من هزء محرما دونه ، كما تفيدنا آية البقرة واضرابها ، فلا يسخر شخص من شخص (١) وإن عسى أن يكون الساخر خيرا.
هذه! ومن ثم استجاشة أخرى هي أشمل وأحرى ، استيحاء من روح الأخوة الايمانية ، التي تجعل من المؤمنين نفسا واحدة ـ ف :
(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) فان من يلمز ويعيب أخاه المؤمن ، هو لامز نفسه ، لأنه منه أو هو هو ، لا يفصل بينهم إلّا فاصل الجسم ، والروح واحدة ، فكيف يعيب مؤمن نفسه ، اللهم إلا أن تحاول علاج أخيك كما تعالج نفسك ، بكل حنان وأمان ، ودون إيذاء وتشهير ، وإنما كمرآة تريك مساويك دون أن تجاهر بها لسواك فإن «المؤمن مرآة المؤمن».
هذه ـ وكما توحي «أنفسكم» بأن لمز البعض لمز للكل ، فإنه مسّ من كرامة الايمان ، فهل من عاقل بعد يلمز أخاه بعد انه نفسه حيث الوحدة الايمانية ، فلذلك تتركز الاستجاشة هنا وهناك بروح الايمان (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ..) وشعور الاندماج في نفس واحدة (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) لحد :
(وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) فالنبز هي اللقب بعينه ، فالتنابز هي التلاقب ،
__________________
(١) في تفسير علي بن ابراهيم القمي انها نزلت في صفية بنت حي بن اخطب وكانت زوجة رسول الله (ص) وذلك ان عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها : يا بنت اليهودية ، فشكت ذلك الى رسول الله (ص) فقال لها : ألا تجيبهما؟ فقالت : بماذا يا رسول الله (ص)؟ قال : قولي ان أبي هارون نبي الله وعمي موسى كليم الله ، وزوجي محمد رسول الله (ص) فما تنكران مني؟ فقالت لهما ، فقالتا : هذا علمك رسول الله (ص) فأنزل الله في ذلك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ ..).