رغم ان الاخوة الصادقة والصلح البالغ هما لزام الايمان كما خوطبوا به ، الا ان هناك ، وبين غير الكاملين في الايمان ، او الجاهلين والمتجاهلين شرائط الايمان ، هنا وهناك نزوات ونزعات واندفاعات فخصامات وحميات وحماسات فتفككات ومنازعات شاسعة عن ساحة الايمان ، قد تتخطى التلاسن والتضارب الى مقاتلات ، رغم ان الإيمان قيد الفتك ولكن (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٢ : ١٠٦) غير خالصين في الايمان الموحد ، ومهما يكن من شيء فالمؤمن لا يحارب أخاه الا على تكلف ، وعلّ الاقتتال الملمح ـ اليه ، دون التقاتل ـ يعنيه «اقتتلا» لا «تقاتلا» حيث الاقتتال افتعال للقتال متكلّف وليس فعلا مقصودا وبين المؤمنين الاخوة!
وإلا (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) ... (٩٢) (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٤ : ٩٣) فهل هو بعد مؤمن؟!.
فلا بد إذا من صيانة إلهية تصوّن على هذه الفوارق الدامية ، وتعتلج ما تختلج في خلد الايمان من فكرة الاقتتال ، ومن ثم واقعه إذا حصل ، ألا وهي استنفار سائر المؤمنين لمواجهة المشكلة الداخلية إصلاحا ، مهما كان الثمن غاليا ولو كان القتال قضاء على قتال.
وترى من هم المأمورون بالإصلاح ، او القتال إذا لزم الأمر؟ فهل إنه أمر فوضى بين دويلات صغيرة اسلامية ـ ان صح التعبير ـ وبين شعوب متشعبة حسب الدويلات ، فيزيد ويلات على ويلات ، لأنهم مختلفون في اجتهادات أو سياسات؟!.
كلا! إنه أمر موجه إلى سائر المؤمنين العائشين تحت قيادة واحدة إسلامية ، دولة إسلامية واحدة بشعبها الموحد ، لا تفصل بينهم قوانين أو حدود أم ماذا ، فالآية هذه واضرابها تلميح أو تصريح بضرورة تأسيس دولة واحدة إسلامية ، لا