دويلات هي ويلات على المسلمين ، وظروف استعمارات للكافرين.
ثم ترى : وإذا لم تكن كما الآن ، فهل المؤمنون يعيشون مكتوفي الأيدي عن كل شارد ووارد فتكثر الفوضى ، كلا! فإن إزالة الظلم والضيم واجبة على طول الخط ، مهما اختلفت درجاتها ، فعلى المؤمنين العائشين في أرض المعركة أن يصلحوا بين أخويهم ان استطاعوا ، على قيادة محلية عالمة عادلة ، وإلا فليستنصروا من قبلهم حتى تحصل الكفاية ، فإنه فرض كفائي وليس عينيا على المؤمنين كافة ، اللهم إلا إذا لزم استنفار المؤمنين كافة ، فإن الإصلاح الداخلي ركن يرتكن إليه المؤمن ، على ضوء تقوى الله التي هي ركن الأركان ، ومن ثم الإصلاح الخارجي.
وترى أفي اختلاف ضميري : «اقتتلوا وبينهما» تلميح معنوي؟ ام ـ فقط ـ سماح أدبي أن يعبر عن التثنية بالجمع كما في نظائرها؟ عله تلميح الى واقع في هكذا اقتتال بطبيعة الحال ، ان الاثنينية هي البداية في القتال ، ثم تنمو وتزهو من طائفتين إلى طوائف ، بتحزبات جزئية داخل كل منهما ، ثم يرجع المقتتلون في محاولة الإصلاح كما كانوا طائفتين ، حيث المصلحون لا يستطيعون إصلاحا إلا بتضييق دائرة الخلاف إرجاعا إلى الاثنينية البادئة ثم الوحدة المرادة ـ : فهم بداية ونهاية اثنتان «طائفتان .. بينهما .. إحداهما» بينهما جمع «اقتتلوا» فهم في دور الإصلاح اثنتان ـ بغيا : (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى) وفيئا إلى أمر الله : (حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ).
وهذا الوجه المعنوي يوافق الأدب اللفظي أيضا ، فإن أقل الجمع اثنان ، فلا تفنّن هنا في التحول من جمع الاثنين إلى أكثر ، إلا تلميحا إلى معنى كهذا وإضرابه.
ثم الطائفتان المتقاتلتان لهما حالات من حيث البغي المقصود وسواه :
١ ـ أنهما باغيان من كل جهة مقصودة (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) إزالة للبغي بينهما (فَإِنْ بَغَتْ