وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) (٧٣ : ١٠) وواعدة له الحكم : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) (٥٢ : ٤٨) أو آمرة له بالاستغفار لذنبه وللمؤمنين : لرسالته الخطيرة وإيمانهم الخطير : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) (٤٧ : ٢٢) (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (٤٠ : ٥٥).
حيث النبي والمؤمنون معه كانوا في خطر المشركين طيلة العهد بمكة ، وبعد الهجرة الى فتح مكة ، وقد أمر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ان يطلب هنا وهناك الفرج العظيم والغفر العميم ، ان يذاد عنهم كوامن الشر ، غفرا لهم وسترا عما كان يتهددهم بالانهيار ، وقد استجاب له ربه فأنجز له وعده ونصر عبده وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده في فتح مكة ، ليشيد له أركان الدعوة : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ، وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً. وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) ومن ثم : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ .. وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ ...)!
وما ذنب الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم هنا إلّا كذنب الرسول موسى : ذنب الرسالة وتطبيقها : (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (٢٦ : ١٤) فإن قتل القبطي المشرك ، المقاتل للسبطي الموحد ، لم يكن ذنب العصيان في دين الله ، وإنما في دين الطاغية فرعون ، ومن عقباه في الدنيا ان عقّب الرسالة الموسوية الى أمد بعيد ، إلا ان ذنب الرسالة الاسلامية عجل في تقدمها وشمولها بالفتح المبين.
فالذنب إذا له مصداقان : أعلى الطاعة وأطغى العصيان ، وإنما فاعله وقرائنه ومواصفاته ، هي التي تقرر موقف الطاعة او العصيان ، وموقف الرسول الرسالي ، ومواصفات الآيات لهذا الرسول الألمعي ، ووحدة الذنب هنا طيلة الرسالة او الحياة ، ولزوم رباط وطيد بين فتح مكة وغفر ذنبه ما تقدم منه