(لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً ، وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) :
وهنا يبرز ذنب الرسالة كأول دعامة من هذه الدعائم ، نتيجة الفتح المبين ، أتراه عصيانا منه لربه يستحق به فتح الفتوح ، فما هي الصلة القريبة أو البعيدة بين عصيانه هو وإن يفتح الله له مكة؟ إن هي إلّا مثل ما يزعمه الصليبيون بحق المسيح أنه صلب وبصلبه لعن وبلعنه تحمّل جميع لعنات الناموس ، فإن أباه الإله لم يجد بدا في سبيل غفران ذنوب أمته إلّا تفدية الصلب!.
فهلّا يقدر الإله القدير أن يغفر ما تقدم من ذنب رسوله وما تأخر إلا بفتح مكة؟ لا نجد أية صلة بين غفر الذنب العصيان وفتح الفتوح!
ترى وما هو هذا العصيان الذي لا يغفر له إلّا بفتح مكة؟ وكيف يغفر الله ذنبا هكذا عظيما من عبده بما يفعل الله ودون استغفار؟ ودون أن يقف لحد الغفر عما تقدم ، بل وما تأخر؟ وهو ذنب واحد (١) شامل حياة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ما تقدم وما تأخر ، ذنب عاش حياته وعاشته حياته (٢) مما أعظمه!
أسئلة لا جواب عنها ما دام الذنب عصيانا ، اللهم إلّا أن يتحول إلى أعظم الطاعة والإيمان ، وأنعم النعم في تقدم الإسلام نتيجة الفتح المبين!.
في الحق إن الذين فسروا الذنب هنا بالعصيان أخطئوا في تفسيرهم لغويا وتفسيريا معا فابتلوا بفرية العصيان على رسول الهدى وهو أوّل العابدين ثم تفرقوا في الذود عنه أيادي سبا (٣) أو صمد الأجهلون منهم على فريتهم قائلين
__________________
(١ ، ٢). تستفاد وحدة الذنب من «من ذنبك» فلم يقل «من ذنوبك».
(٣) من قائل انه يعني ذنب أمته او شيعته ، وهل من فصاحة اللفظ او بلاغة المعنى ان ينسب الله ذنب أمته اليه (ص) ثم يغفره بفتح مكة الذي لا صلة بينه وبين غفر الذنب.
ومن قائل ان ما تقدم ذنب أبويه آدم وحواء ببركته وما تأخر مغفرة ذنوب أمته بدعائه ، ـ