إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٤٣ : ٦٧) فلا يرضى أحدهم ان يسبق الآخرين مهما كان حقه السباق ، فهم ـ إذا ـ يساقون مع الرفاق حيث لا يرضون السباق.
أم ولأن (الَّذِينَ اتَّقَوْا) في إطلاقها هم الرعيل الأعلى ، الذين لا يعذبون أبدا ، هم ـ حينئذ ـ غارقون في مشاهدة جلال ربهم وجماله ، حيث يعيشون منذ بعثهم جنة الرضوان ، فلا تهمهم جنة الجثمان ، لذلك وذاك وذيّاك فهم يساقون إلى الجنة (حَتَّى إِذا جاؤُها) والحال أنها (فُتِحَتْ أَبْوابُها) من ذي قبل ، تهيئة لهم وتهنئة (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها ...) وهناك لا خبر عن الخبر ل (حَتَّى إِذا ...) حيث فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، لذلك فهنالك لا خبر عن الخبر إلّا (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ ـ طِبْتُمْ ـ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٣٦ : ٥٨).
«يساق المتقون إلى الجنة و (قد أمنوا من العذاب وانقطع العتاب وزحزحوا عن النار واطمأنت بهم الدار ورضوا المثوى والقرار ، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية ، وأعينهم باكية ، وكان ليلهم في دنياهم نهارا تخشعا واستغفارا ، وكان نهارهم ليلا توحشا وانقطاعا ، فجعل الله لهم الجنة ثوابا وكانوا أحق بها وأهلها في ملك دائم ونعيم قائم» (١).
(سَلامٌ عَلَيْكُمْ) هنا كما سلمتم هناك لربكم «طبتم» هناك فطبتم هنا «فادخلوها» الجنة «خالدين» واين خالدين من خالدين؟
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ)(٧٤).
__________________
(١) في نهج البلاغة من خطبة لعلي (عليه السلام) لما قرأ وسيق الذين اتقوا الى الجنة زمرا.