إنهم عوان بين هؤلاء وهؤلاء ، فلا هم من أهل الجنة بهكذا تكريم : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ ...) ولا من أهل النار مستكبرين وخالدين ، فإنهم آخر مصيرهم الجنة مهما دخلوا النار ، أم عذبوا قبل النار ، فإنه قضية العدل جزاء وفاقا.
(حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) فأبوابها مغلقة ـ إذا ـ قبل أن يجيئوها ، خلاف أهل الجنة ، فإن أبوابها مفتوحة قبل أن يجيئوها لمكان (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) حيث الواو حالية تعني أنها مفتوحة حين مجيئهم إياها : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (٣٨ : ٥٠).
(فُتِحَتْ أَبْوابُها) ولمّا يدخلوها (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) من جنسكم ، فالرسالة المجانسة برسول مجانس للمرسل إليهم هي الحجة البالغة عليهم وكما في يس وغيرها (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ...) فرسول الإنس من الإنس ورسول الجن من الجن ، وكذلك التجانس في سائر الأجناس وراء الإنس والجن.
(رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَ...) فإنما هي إتيان الرسالة المجانسة وتلاوة آيات مبشرة ومنذرة كحجة بالغة ، فلا موقع لأبعاد الزمان والمكان والقوميات والإقليميات والعنصريات ، وإنما رسالة إنسان إلى إنسان أم جن إلى جن أمّن ذا ، سواء أكان الرسول ـ بالفعل ـ فيهم ، أم قضى نحبه ورسالته حاضرة ، أو هو الذي يتلو عليهم آيات الله ، أمّن يحملون عنه رسالته ، فإنما هي الحجة البالغة الإلهية الواصلة كالرسول ، يبلغ دون زائدة ولا ناقصة ، اللهم إلّا فرعية لا تصطدم أصل الحجة ، كالزمن بعد كل نبي وإمام معصوم حجة ، ولا سيما إذا كان كتاب شرعته حاضرا دون زيادة او نقيصة كما القرآن العظيم.
فالركن الركين في الدعوة الإلهية تلاوة آيات الله المبشرة والمنذرة :