وهنالك ... وقد تمت شروطات القضاء العدل محكمة وشاهدا ومشهودا عليه وأعمالا ، حيث (أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ) الناصع الخالص دونما تخطّ ولا خطأ قيد شعرة (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) نقيرا ولا فتيلا.
(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ)(٧٠).
وهنا «ما عملت» دون «جزاء ما عملت» دلالة واضحة على أن الأعمال ـ خيرا وشرا ـ هي بنفسها الجزاء ، بما تظهر في ملكوتها وحقائقها ، حيث (أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) و (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣٧ : ١٠)؟.
ثم ـ وكل هذه الشهادات بحذافيرها ليست لتثبت شيئا عند الله (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) بل ولكي يعلم العاملون أن الله كان عليما بما يعملون ، ويعلموا هم ما ربما كانوا ينسون أو يجهلون فلا يكذّبون.
هنالك يصدر حكم الرب دون نقاش وجدال ، فإنه مشهد النور والظهور ، بشاهد العدل والرب النور ، فلا كلمة تقال ، ولا صوت يرتفع ، فمن ثم :
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)(٧٢).
هنا زمر النار ومن ثم زمر الجنة ، فليس كلّ زمرة واحدة ، حيث الكفر دركات فزمر النار دركات ، كما التقوى درجات فزمر الجنة درجات.