(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ)(٢١).
«أنزل» هنا دون «ينزل» تدل على نزول سابق ، فهو نصيب الأرض من ماء السماء حينما كانت يابسة عطشى ، فروّيت بماء السماء : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) (٢٣ : ١٨).
ورؤية ذلك الإنزال هي علمية كشهود ، تخص حضرة صاحب الرسالة العظمى (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تعم كل من يعلم أن ماء الأرض كله من السماء ، على ضوء الوحي ، أم الكشوف العلمية التي أثبتته.
(أَنْزَلَ ... فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ) والسلوك هو النفوذ في الطريق ، وقد نفذ الماء في الأرض فأصبح ينابيع تنبع من تحتها ماء صافيا ضافيا بلا كدر ولا ضرر ، بعد ما أخذ من الأرض بفضائها كل ضرر وكدر ، فالأرض مصفاة لمياهها.
وهذه الينابيع بين فوارة أرتزية ، وفائرة فوق الأرض ، أم تتكشف آبارا تحت الأرضية ، ويد الله تمسكه فلا يضيع ويذهب في الأغوار البعيدة بحيث لا تنال الأيدي البشرية!
(ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) بذلك الماء المنزل من السماء (١) من عيونه وآباره وأنهاره وأمطاره ، دون خصوص الينابيع حيث لا تكفي ولا تتوفر في كل أكناف الأرض ومناكبها.
__________________
(١) رجوعا لضمير المفرد الى «ماء» دون «ينابيع».