والنار. فحق لثاني الخلفاء ألّا يدري أخليفة هو أم ملك (١).
فلأنك خليفة من قبل الله (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) رغم ما حكمت بغير الحق قبل هذه الخلافة ، وهو طبيعة الحال في غير المعصومين ، ولا دليل على عصمة غير أولى العزم قبل رسالتهم.
يرى داود هذه التجربة المرة قبل خلافته ، ولكي يذكر حاله قبل خلافته.
هنا مواصفات عشر لداود (عليه السلام) تحتفّ بخطإ واحد ، فهلا تفسّر عشيرة العشرة عشيرتها الواحدة أنها خطيئة صغيرة ، بل وأصغر بكثير من خطيئة آدم ، وكلتاهما كانتا قبل الرسالة.
ثم وتبتدئ هذه العشر (عَبْدَنا داوُدَ) في أسوة التصبّر ، ولولا أنه صبور على فعل الطاعات وترك الخطيئات ومصابرا في البليات ، لما صح (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ...) وهذه العشرة الكاملة هي :
«عبدنا ـ ذا الأيد ـ إنه أواب ـ سخرنا ... ـ شددنا ملكه ـ آتيناه الحكمة ـ وفصل الخطاب ـ إن له عندنا لزلفى ـ وحسن مآب ـ يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض»!
أترى بعد أن هذه العشرة الكاملة كلها لما تحتف به من خطيئة كبيرة هي الزنا بامرأة اورياه الحقّي وقتله لكي يخلص منه؟
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٣٠٦ ـ. اخرج ابن سعد عن ابن أبي العرجاء قال قال عمر بن الخطاب : والله ما ادري الخليفة انا ام ملك قال قائل يا امير المؤمنين ان بينهما فرقا قال ما هو؟ قال الخليفة لا يأخذ الا حقا ولا يضعه الا في حق وأنت الحمد لله كذلك ، والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا!