لفترة الحكم فتنة له ، ولكي لا يزهو بشد الملك والحكمة ، ويلمس تماما أن العصمة الإلهية هي ـ فقط ـ التي تعصمه عن الأخطاء.
والقضية ـ كما هي معروضة ـ تحمل في باديها ظلما صارخا مستثيرا ، لحد يحمل داود النبي الأواب على الحكم العاجل ، دونما نظرة دفاع للمحكوم عليه أو سؤال عنه.
(وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) لمحة من تسوّر المحراب ، وأخرى من جرأة الخصم : «لا تشطط» وثالثة بعد حكمه وهدوء البال وسكون الحال انتبه خطأ في حكمه ، أو علّ المحكوم عليه اعترض عليه ، لماذا الحكم ـ فقط ـ بدعوى المدعي دون سماع إلى المدعى عليه؟.
هنا «ظن» أنه فتنة وبلية إلهية ، وتجربة مرّة تلفت نظره إلى ضعفه على قوته وشدة وطأته في ملكه!
«ظن» ما ظنّه «فخر راكعا» لربه «وأناب» إلى ربه مما أخطأ.
فالظن هنا بمعناه كما في سواه ، دون العلم بتأويل ، إذ لا مدخل هنا للعلم أنه فتنة إلهية ، وإنما ملامحها تدل دلالة راجحة غير قاطعة على أنها فتنة!
(فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (٢٥).
ولماذا «غفر لنا له ذلك» الحكم الشطط؟ لأنه كان ابتلاء إلهيا ، وكان العجال في الحكم لظاهر الفخامة في الظلم ، فلم يحكم عن شطط ، ولا عن جهل ، بل عن غفلة ابتلي بها كفتنة إلهية يتكامل بها عباده المخلصون! «وغفرنا» لذلك (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) كأصل أصيل من حياته الإيمانية.