الخصم هنا يطالبونه بالحكم بينهم بالحق (فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ) ثم تقريرا لشاكلة الحكم ، وكأنهم هم الحاكمون عليه : (وَلا تُشْطِطْ) إفراطا في البعد عن الحق (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) من الحق ، وفيه فزع لداود على فزع ، وهو النبي الملك فكيف يشطط؟.
وهنا في قصة «الخصمان» و «تسعة وتسعون نعجة وواحدة» شطط من المختلقات الزور أقحمت في رواياتنا ، تضرب عرض الحائط ، وعلى من نسب إليه الزنا بامرأة أورياه الحتيّ حدّ القذف ، لا سيما وأن سليمان حسب الخرافة الإنجيلية ولد منها (١)!.
(إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ)(٢٤).
كأن العصمة العلمية الإلهية هنا انقطعت عن داود (عليه السلام)
__________________
(١) إنجيل متى ١ : ٦ «ان داود الملك ولد سليمان من التي لاوريا» ـ راجع «عقائدنا» ص ٤١٩ ـ ٤٢٦ ـ تجد تفصيل الحوار بيننا وبين الجمعية الرسولية الأمريكة حول الفرية التوراتية على داود (عليه السلام) ، وفي تفسير البرهان ٤ : ٤٥ ـ ابن بابويه بسند عن صالح بن عقبة عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال فيه يا علقمة إن رضى الناس لا تملك وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون مما لم تسلم أنبياء الله ورسله وحججه (عليه السلام) ألم ينسبوا يوسف إلى انه هم بالزنا؟ ألم ينسبوا أيوب إلى انه ابتلى بذنوبه؟ ألم ينسبوا داود إلى انه تبع الطير حتى نظر الى امرأة أوريا وانه قدم زوجها امام التابوت حتى قتل ثم زوج زوّجها؟