و (فَصْلَ الْخِطابِ) هو الخطاب الفصل ، قاطعا دون تردد ، مقنعا دون تبدّد ، يفصل بين الحق والباطل ، وبين المتخاصمين ، وكذلك كل فصل حكيم ، كمعرفة مختلف اللغات حيث تفصل بين مختلف المخاطبين في اللغات (١).
ومع كل ذلك تراه يبلى ببلاء ، وأنت لم تبل بمثل بلائه العناء ، فمهما لم يكن لك ملك ، فهناك الحكمة الحكيمة القاصعة ، وفصل خطاب قاطع دون ابتلاء في هذه السبيل مهما ابتليت بقوم لدّ ما أتاهم قبلك من نذير!.
(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) (٢٢).
الخصم هو الخصومة وكأنهما هما نفس الخصومة لعظمها وشدتها ، ومن آيته تسوّر المحراب : ارتقاء بتكلف إلى سور المحراب ، دون بابه المتعدّد ، وهو بادرة غير متعددة تكشف عن بالغ الخصومة ، لذلك (فَفَزِعَ مِنْهُمْ) ـ (قالُوا لا تَخَفْ) لسنا نحن من خصمائك ، وإنما نحن (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ ...).
__________________
(١) تفسير البرهان ٤ : ٤٣ ـ ابن بابويه بسنده عن أبي الصلت الهروي قال كان الرضا (عليه السلام) يكلم الناس بلغاتهم وكان والله افصح الناس وأعلمهم بكل لغة فقلت يوما يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها فقال : يا ابن الصلت انا حجه الله على خلقه وما كان الله ليتخذ حجة على قوم لا يعرف لغاتهم اما بلغك ما قال امير المؤمنين (عليه السلام) : وأوتينا فصل الخطاب فهل فصل الخطاب الا معرفة اللغات.