«اصبر» على معاناة الدعوة الصعبة المعارضة ، و (عَلى ما يَقُولُونَ) على هذه الدعوة ، فلتجعل الصبر زادك في هذه الطريق المليء بالدماء والأشلاء ، مفعمة بكل ابتلاء.
(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ)(١٩).
ويا لها من يد في الغيب ، ان الجبال الجامدة غير الشاعرة بظاهر الحال ، هي تسبح معه بالعشي والإشراق. لا ـ فقط ـ معية واقعية ، فإنها مع كل الكائنات ، ولا ـ فقط ـ معه! بل ومعية تسامع أصواتها في تسبيحها ، كما «والطير» مسخرة معه يسبحن ، و «كل» من الجبال والطير (لَهُ أَوَّابٌ).
ولماذا ـ فقط ـ العشي والإشراق؟ لعلهما تعنيان مساء صباح تعبيرا ثانيا عن الأوقات كلها ، ولأنهما ركنا الأوقات ، أم تعنيان وقتي الصلاة ، أنها كانت مفروضة في شرعته في الوقتين.
ثم هي كلها أوابة لله ولكن هنا (لَهُ أَوَّابٌ) في معية التسبيح وتبعيته له ، إضافة إلى تسامع أو سمعه فقط.
اجل «له» لا لسواه ، وكل أوبة إلى الله ، ما يدهش العقول من ضخامة العظمة لهذا النبي الملك العظيم!
(وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ)(٢٠).
ملك مشدود بعناية الله ، شديد على أعداء الله ، مديد في أرض الله ، إضافة إلى الحكمة وفصل الخطاب ، فالملك دون حكمة ساقط ، والحكمة دون ملك غير مشدودة بالواقع الملموس ، وهما دون فصل الخطاب مفصولان عما يراد منهما!