وموازريه في الشرك : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) (١٩ : ٤٨) فهنا يدعو ربه :
(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (١٠١).
هنا إبراهيم الوحيد وقد ذرف الثمانين بلا عقب يخلفه يستوهب ولدا من الصالحين ، فيبشّر ببكر ولده إسماعيل غلام حليم ، ومن ثم يثنّيه بإسحاق نبيا من الصالحين ، وقد يجاوب هذا الترتيب نص التوراة كما في التكوين ١٦ : ١٥ ـ ١٦ : «فولدت هاجر لإبراهيم ابنا. ودعا إبراهيم اسم ابنه الذي ولدته هاجر إسماعيل ،» وفيه ١٧ : ١٥ ـ ١٦ «وقال الله لإبراهيم ساراى امراتك لا تدعو اسمها ساراى بل اسمها سارة ، وأباركها وأعطيك ايضا منها ابنا ...».
هنا يوصف إسماعيل بكر إبراهيم (بِغُلامٍ حَلِيمٍ) وفي غيرها (صادِقَ الْوَعْدِ) وهو فيهما منقطع النظير في سائر القرآن : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (١٩ : ٥٤) وقد يثنّى بحلمه أبوه إبراهيم : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (٩ : ١١٤) (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)(١١ : ٧٥).
وليس اختصاص «حليم» بهما في ساير القرآن إلّا لما برز من حلمهما القمة في ذبح إسماعيل مهما بطن لساير النبيين ، إذ لم يوقف أحد موقفه البلاء المبين :
(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(١٠٢).
إسماعيل بكر ولده ، رسول نبي صادق الوعد حليم ، والوالد يذرف التسعين وقد لا يولد له غيره ، أم إذا ولد قد يغايره ، وقد بلغ معه