(وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ)(٩٩).
أو لم يكن لحد الآن ذاهبا إلى ربه وقد (جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)؟ إن لذهابه هذا طرفا أوّل يتكفل السلب : «لا إله» وكما جعلهم جذاذا ، وطرف ثان هو الإثبات «إلا الله» وقد فرغ من «لا إله» تقدمة الذهاب إلى ربه ، ثم وأصل سيره إلى الإثبات «إلا الله» وقد تعنيه (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي ...) يقوله أمام جماهير المشركين الأسفلين بحجته الحاضرة الحاذرة الخارقة (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) ف ـ «ذهابه إلى ربه بوجهه إليه عبادة واجتهادا وقربة إلى الله عز وجل» (١)
إنها هجرة في المكانة قبل المكان ، يترك فيها أباه وقومه وأهله ووطنه وكل أواصر القرابة ، هجرة كاملة من حال إلى حال ، ومن كافة الأواصر التي قد تربطه بنفسها ، تعبيرا عن كامل التجرد والإخلاص والاستسلام لربه.
أو لم يكن مهديا لحد الآن حتى «سيهدين»؟ للهدى مراتب فوق بعض ، وكما تطلب دائبا : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أم ولأنه تكملة لحجاجه أن الله هداه إلى أن «لا إله» ثم يهديه إلى «إلا الله» وثالثه هدى الدعوة في فسحتها ، وبأعوانها كإسماعيل وإسحاق قرتي عينيه ، وهي تتمثل في بلائه بإسماعيل كأعلى قمة : وقد يعطف قوله (إِنِّي ذاهِبٌ ...) بما وعد آزر
__________________
ـ فأخذ عنق من النار سخره حتى أحرقه قال ، فأمن له لوط فخرج مهاجرا الى الشام هو وسارة ولوط.
(١) المصدر ٤١٩ ح ٦٤ في كتاب التوحيد عن امير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه ...