قدر يقينه وذو الشكّ على قدر شكّه فاحتمل الهوى باطلاً كثيراً أو جفاءً فالماء هو الحق والأودية هي القلوب والسيل هو الهوى والزبد وخبث الحلية هو الباطل والحلية والمتاع هو الحق من أصابَ الحلية والمتاع في الدنيا انتفع به وكذلك صاحب الحق يوم القيامة ينفعه ومن أصاب الزبد وخبث الحلية في الدنيا لم ينتفع به وكذلك صاحب الباطل يوم القيامة لا ينتفع به.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : قد بينّ الله قصص المغيّرين فضرب مثلهم بقوله فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ فالزبَدُ في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن فهو يضمحل ويبطل ويتلاشى عند التحصيل والذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ والقلوب تقبله والأرض في هذا الموضع هي محلّ العلم وقراره الحديث وقد مضى تمامه في المقدّمة السادسة.
(١٨) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى الاستجابة الحسنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ يعني كذلك يضرب الله الأمثال للفريقين وما بعده كلام مبتدأ لبيان مآل غير المستجيبين ويحتمل عدم تعلّقه بما قبله ويراد بالحسنى المثوبة الحسنى ويكون ما بعده متعلّقاً به لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ.
في المجمع عن الصادق عليه السلام : هو أن لا تقبل لهم حسنة ولا تغفر لهم سيّئة.
وفي الحديث : من نوقش في الحِسابِ عذب وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ المستقر القمّيّ يمهدون في النار.
(١٩) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ فيستجيبُ كَمَنْ هُوَ أَعْمى القلب لا يستبصر فيستجيب والهمزة للإنكار يعني لا شبهة في عدم تشابههما بعد ما ضرب من المثل فانّ بينهما من البون ما بين الزّبد والماءِ والخبث والأبريز