قُلِ اللهُ أجب عنهم بذلك إذ لا جواب لهم سواه ولأنّه البيّن الذي لا مرية فيه قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ثم ألزمهم بذلك لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا فكيف لغيرهم قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ.
القمّيّ يعني الكافر والمؤمن أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ قال الكفر والايمان وقرئ يستوي بالياءِ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ بل أَجَعَلُوا والهمزة للإنكار خَلَقُوا كَخَلْقِهِ صفة لشركاء داخلة في حكم الإنكار فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ خلق الله وخلقهم والمعنى أنهم ما اتخّذوا لله شركاء خالقين مثله حتّى يتشابه عليهم الخلق فيقولوا هؤلاء خلقوا كما خلق الله فاستحقوا العبادة كما استحقها ولكنهم اتخذوا شركاءَ عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلاً عما يقدر عليه الخالق قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا خالق غيره فيشاركه في العبادة وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ المتوحد بالألوهيّة الغالب على كلّ شيءٍ.
(١٧) أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها في الصِغر والكبر وعلى حسب المصلحة فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً مرتفعاً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ من أنواع الفلزّات كالذّهب والفضّة والحديد والنحاس وقرئ توقدون بالتاءِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ طلب حلية أَوْ مَتاعٍ كالأواني وآلات الحرث والحَرْب زَبَدٌ مِثْلُهُ أي وَممّا يوقدون عليه زبد مثل زبد الماءِ هو خبثه كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ أي مَثَلهما مثل الحق في افادته وثباته بالماءِ الذي ينزل من السّماءِ فتسيل به الأودية على وجه الحاجة والمصْلَحَةِ فينتفع به أنواع المنافع ويمكث في الأرض بأن يثبت بعضه في منابعه ويسلك بعضه في عروق الأرض إلى العيون والآبار وبالفلزّ الذي ينتفع به صوغ الحليّ واتخاذ الأمتعة المختلفة ويدوم ذلك مدة متطاولة والباطل في قلّة نفعه وسرعة اضمحلاله بزبدهما فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً يجفأ به أي يرمي به السّيل أو الفلزّ المذابُ وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ كالماءِ وخلاصة الفلزّ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ينتفِع به أهلها كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لإيضاح المشتبهات.
القمّيّ : يقول انزل الحقّ من السماء فاحتمله القلوب بأهوائها ذو اليقين على