الواقع والثاني باعتبار المتوقّع وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي أي محبّة كائنة منّي قد زرعتها في القلوب بحيث لا يكاد يصبر عنك من رآك وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي ولتربّى ويحسن اليك وانا راعيك وراغبك.
(٤٠) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها بلقائك وَلا تَحْزَنَ هي بفراقك أو أنت على فراقها وفقد إشفاقها.
القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : انّ موسى لما حملت أمّه به لم يظهر حملها الّا عند وضعه وكان فرعون قد وكّل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط تحفظهنّ وذلك لمّا كان بلغه عن بني إسرائيل انّهم يقولون انّه يلد فينا رجل يقال له موسى بن عمران يكون هلاك فرعون وأصحابه على يديه فقال فرعون عند ذلك لأقتلنّ ذكور أولادهم حتّى لا يكون ما يريدون وفرّق بين الرّجال والنّساء وحبس الرّجال في المحابس فلمّا وضعت أمّ موسى بموسى نظرت إليه وحزنت واغتمت وبكت وقالت يذبح السّاعة فعطف الله بقلب الموكّلة بها عليه فقالت لامّ موسى ما لك قد اصفرّ لونك فقالت أخاف ان يذبح ولدي فقالت لا تخافي وكان موسى لا يراه أحداً الّا أحبّه وهو قوله وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي فاحبّته القبطيّة الموكّلة به وأنزل الله على أمّ موسى التابوت ونوديت ضعيه في التابوت فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ وهو البحر وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فوضعته في التابوت وأطبقت عليه وألقته في النيل وكان لفرعون قصور على شطّ النّيل متنزّهات فنظر من قصره ومعه آسية امرأته الى سواد في النّيل ترفعه الأمواج والرّياح تضربه حتّى جاءت به الى باب قصر فرعون فأمر فرعون بأخذه فأخذ التابوت ورفع إليه فلمّا فتحه وجد فيه صبيّ فقال هذا اسرائيلي فألقى الله في قلب فرعون لموسى محبّة شديدة وكذلك في قلب آسية وأراد فرعون أن يقتله.
فقالت آسية لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ انّه موسى عليه السلام ولم يكن لفرعون ولد فقال ادنو له ظئراً لتربيته فجاءوا بعدّة نساء قد قتل أولادهنّ فلم يشرب لبن أحد من النّساء وهو قول الله تعالى وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ وبلغ أمّه