انّ فرعون قد أخذه فحزنت وبكت كما قال الله وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ قال كادت ان تخبر بخبره أو تموت ثمّ حفظت نفسها فكانت كما قال الله لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ثمّ قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ أي اتبعيه فجاءت أخته إليه فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ أي عن بعد وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فلمّا لم يقبل موسى بأخذ ثدي أحد من النّساء اغتمّ فرعون غمّاً شديداً فَقالَتْ أخته هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ فقالوا نعم فجاءت بامّه فلمّا أخذته بحجرها وألقته ثديها التقمه وشرب ففرح فرعون وأهله وأكرموا أمّه فقال لها ربّيه لنا فأنا نفعل بك وتفعل وسأله الرّاوي فكم مكث موسى (ع) غائباً عن أمّه حتّى ردّه الله عليها قال ثلاثة أيّام وَقَتَلْتَ نَفْساً نفس القبطي الّذي استغاثه عليه الاسرائيلي كما يأتي قصّته في سورة القصص إن شاء الله تعالى فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ غم قتله خوفاً من عقاب الله واقتصاص فرعون بالمغفرة والامر بالهجرة الى مديَن وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً وابتليناك ابتلاء أو أنواعاً من الابتلاء فتنة بعد فتنة وذلك انّه ولد في عام كان يقتل فيه الولدان وألقته أمّه في البحر وهمّ فرعون بقتله ونال في سفره ما نال من الهجرة عن الوطن ومفارقة الالّاف والمشي راجلاً على حذر وفقد الزاد وآجر نفسه عشر سنين إلى غير ذلك فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ لبثت فيهم عشر سنين ومدين على ثماني مراحل من مصر ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ قيل أي على مقدار من الزّمان يوحى فيه الى الأنبياء وهو رأس أربعين سنة.
وقيل معناه سبق في قدري وقضائي ان اكلّمك في وقت بعينه فجئت على ذلك القدر يا مُوسى قيل كرّره عقيب ما هو غاية الحكاية للتنبيه على ذلك.
(٤١) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي واتّخذتك صنيعتي وخالصتي واصطفيتك لمحبّتي ورسالتي وكلامي.
(٤٢) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي بمعجزاتي وَلا تَنِيا ولا تفترا ولا تقصّرا فِي ذِكْرِي لا تنسياني حيثما تقلّبتما وقيل في تبليغ ذكري والدعاء إليّ.
(٤٣) اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى