صلاحهم بما امر به من ذلك وقال في قوله فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما انّما [اشترك (أشرك خ ل)] في الانانيّة لأنّه خشي والله لا يخشى لأنّه لا يفوته شيء ولا يمتنع عليه امر اراده وانّما خشي الخضر من أن يحال بينه وبين ما امر به فلا يدرك ثواب الإمضاء فيه وَوقع في نَفسه انّ الله جَعله سبباً لرحمة أبوي الغلام فعمل فيه وسط الامر من البشرية مثل ما كان عمل في موسى (ع) لأنّه صار في الوقت مخبراً وكليم الله موسى مخبراً ولم يكن ذلك باستحقاق للخضر الرتبة على موسى (ع) وهو أفضل من الخضر بل كان لاستحقاق موسى للتّبيين وقال في قوله فَأَرادَ رَبُّكَ فتبرّأ من الانانيّة في آخر القصص ونسب الإرادة كلّها إلى الله تعالى ذكره في ذلك لأنّه لم يكن بقي شيء ممّا فعله فيخبر به بعد ويصير موسى به مخبراً ومصغياً الى كلامه تابعاً له فتجرّد من الانانيّة والإرادة تجرّد العبد المخلص ثمّ صار متنصّلاً (١) ممّا أتاه من نسبة الانانيّة في أوّل القصّة ومن ادّعاء الأشتراك في ثاني القصّة فقال رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً أي ما لم تستطع فحذف التاء تخفيفاً قيل ومن فوائد هذه القصّة ان لا يعجب المرء بعلمه ولا يبادر الى إنكار ما لا يستحسنه فلعلّ فيه سرّاً لا يعرفه وان يداوم على التّعلم ويتذلّل للمعلّم ويراعي الأدب في المقال وان ينبّه المجرم على جرمه ويعفو عنه حتّى يتحقّق إصراره ثمّ يهاجر عنه.
(٨٣) وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً.
في قرب الإسناد عن الكاظم عليه السّلام : انّ نفراً من اليهود أتوا النّبي صلَّى الله عليه وآله فقالوا لأبي الحسن عليه السّلام جدّي استأذن لنا علي ابن عمّك نسأله قال فدخل عليّ فأعمله فقال ما تريدون منّي فانّي عبد من عبيد الله لا اعلم الّا ما علّمني ربّي ثمّ قال ائذن لهم فدخلوا فقال أتسألوني عمّا جئتم له أم انبّئكم قالوا نبّئنا قال قد جئتم تسألوني عن ذي القرنين قالوا نعم قال كان غلاماً من أهل الرّوم ثمّ ملك واتى مطلع الشمس ومغربها ثمّ بنى السدّ فيها قالوا نشهد انّ هذا كذا وكذا.
والقمّيّ : لمّا اخبر رسول الله صلَّى الله عليه وآله بخبر موسى (ع) وفتاه والخضر
__________________
(١) تنصّل منه تبرّأ منه.