محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم وَاللهَ يا مروان ما تنكر أنت ولا أحد ممّن حضر هذه اللعنة من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لك ولأبيك من قبلكَ وما زادك الله يا مروان بما خوّفك إلّا طغياناً كبيراً وصدق الله وصدق رسوله بقول الله تعالى وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً وأنت يا مروان وذّريّتك الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وعن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث : وجعل أهل الكتاب القائمينَ به والعاملين بظاهره وباطنه من شجرة أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت وجعل أعدائها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم ويأبى الله إلّا أن يُتمّ نوره ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بيّنت لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه.
أقولُ : وفي قوله سبحانه فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً لطافة لا تخفى.
(٦١) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ (١) لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً قد سبق تفسيره.
(٦٢) قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ يعني أخبرني هذا الذي كرَّمته عليّ أي فضلته واخترته عليّ لم اخترته عليّ وأنا خير منه فحذف للاختصار لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كلام مبتدأ واللّام للقسم لَأَحْتَنِكَنَ (٢) ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً أي لأستأصلنّهم بالإغواءِ ولأستولينّ عليهم إلّا قليلاً لا أقدر أن أقاوم سكينتهم.
(٦٣) قالَ اذْهَبْ امض لما قصدته وهو طرد وتخلية بينه وبين ما سوّلت له نفسه
__________________
(١) فهو استفهام بمعنى الإنكار اي كيف اسجد له وانا أفضل منه واصلي أشرف من أصله وفي هذا دلالة على أنّ إبليس فهم من ذلك تفضيل آدم على الملائكة ولو لا ذلك لما كان لامتناعه عن السّجود وجه وانّما جاز ان يأمرهم سبحانه بالسّجود لآدم ولم يجر ان يأمرهم بالعبادة له لأنّ السجود يترتب في التّعظيم بحسب ما يراد به وليس كذلك العبادة التي هي خضوع بالقلب ليس فوقه خضوع لأنّه يترتب في التّعظيم لجنسه يبيّن ذلك انّه لو سجد ساهياً لم يكن له منزلة في التّعظيم على قياس غيره من أفعال الجوارح م ن.
(٢) الاحتناك الاقتطاع من الأصل يقال احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم إذا استقصاه فأخذه كلّه واحتنك الجراد الزّرع إذا اكله كله وقيل انّه من قولهم حنك الدابّة إذا جعل في حنكها الأسفل حبلاً يقودها به م ن.