لهم مشافر (١) كمشافر الإبل يُقَرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاءِ الهمّازون اللمّازون ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام يرضخ (٢) رؤوسهم بالصّخر فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاءِ الذين ينامون عن صَلوة العشاء ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام يقذف النّار في أفواههم وتخرج من أدبارهم فقلت من هؤلاءِ يا جبرئيل فقال هؤلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه فقلت من هؤلاءِ يا جبرئيل فقال هؤلاء الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ وإذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون عليها النّار غدوّاً وعشيّاً ويقولون ربّنا متى تقيم الساعة قال ثمّ مضيت فإذا أنا بنساء معلّقات بثُديهنّ (٣) فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاءِ اللواتي يورثن أموال أزواجهنّ أولاد غيرهم ثمّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم اشتدّ غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطّلع على عوراتهم وأكل خزائنهم ثمّ قال مررنا بملائكة من ملائكة الله عزّ وجلّ خلقهم الله كيف شاء ووضع وجوههم كيف شاء ليس شيء من أطباق أجسادهم إلّا وهو يسبّح الله ويحمده من كلّ ناحية بأصوات مختلفة أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاءِ من خشية الله فسألت جبرئيل عنهم فقال كما ترى خلقوا إنّ الملك منهُم إلى جنب صاحبه ما كلّمه قطّ ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتها خوفاً لله وخشوعاً فسلّمت عليهم فردّوا عليّ بايماء رؤوسهم لا ينظرون إليَّ من الخشوع فقال لهم جبرئيل هذا محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم نبيّ الرّحمة أرسله الله على العباد رسولاً ونبيّاً وهو خاتم النّبوّة وسيّدهم أفلا تكلّموه قال فلّما سمعوا ذلك من جبرئيل
__________________
(١) المشفر من البعير بفتح الميم وكسرها والشّين مفتوحة فيهما كالجحفلة من الفرس وغيره من ذي الحافِر والشّفّة من الإِنسان م.
(٢) الرّضخ الدق والكسر ومنه رضخت رأسه بالحجارة م.
(٣) الثّدي بالفتح وسكون المهملة وخفّة الياء يذكّر ويؤنّث وهو للمرأة والرّجل والجمع ثدٍ وثديّ بكسر الثّاء وربما جاء على ثداء كسهم وسهام م.