أبشر يا محمّد فانّي أرى الخير كلّه في أمّتك فقلت الحمد لِلَّهِ المنّان ذي النِّعم على عباده ذلك من فضل ربّي ورحمته عليّ فقال جبرئيل هو أشدّ الملائكة عملاً فقلت أكلّ من مات أو هو ميّت فيما بعد هذا يقبض روحه فقال نعم قلت ويراهم حيث كانوا ويشهدهم بنفسه فقال نعم.
فقال ملك الموت ما الدّنيا كلها عندي فيما سخّرَها الله لي ومكنّني عليها إلّا كالدّرهم في كفّ الرّجل يقلّبه كيفَ يشاء وما من دار إلّا وأنا أتصفحه كل يوم خمس مرّات وأقول إذا بكى أهل البيت على ميّتهم لا تبكوا عليه فانّ لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم كفى بالموت طامّة (١) يا جبرئيل فقال جبرئيل إنّ ما بعد الموت أطمّ وأطمّ من الموت قال ثمّ مَضَيْتُ فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحمٍ طيّب ولحم خبيث يأكلون اللّحم الخبيث ويَدَعُون الطّيّب فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويَدَعون الحلال وهم من أمّتك يا محمّد فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ثمّ رأيت ملكاً مِن الملائكة جعل الله أمره عجباً نصف جسده النار ونصفه الآخر ثلجاً فلا النّار يذيب الثلج ولا الثلجُ يطفي النار وهو ينادي بصوت رفيع ويقول سبحان الذي كفّ حرّ هذه النار فلا يذيب الثلج وكفّ برد هذا الثلج فلا يطفي حر هذه النار اللهمّ [مؤلف يا مؤلّفاً خ ل] بين الثلج والنار ألّف بين قلوب عبادكَ المؤمنين فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا ملك وكله الله بأكناف (٢) السماءِ وأطرافِ الأرضين وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرضين من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منه منذ خلق وملكان يناديان في السَّماء أحدهما يقول اللهم أعط كلّ منفق خلفاً (٣) والآخر يقول اللهم أعط كلّ مُمسك تلفاً ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام
__________________
(١) الطامّة الدّهية لأنّها تطمّ على كل شيء اي تعلوه من طمّ الأمر علاه م.
(٢) الكنف بالتحريك الجانب والنّاحية والأكناف الجوانب والنّواحي م.
(٣) وفي الخبر : اللهم أعط كلّ منفق خلفاً أي عوضاً عاجلاً مالاً أو دفع سوء واجلاً ثواباً فكم من منفق قلّما يقع به الخلف المالي م.