القمّيّ عن الباقر عليه السلام : كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها امرأة من بني تميم بن مرّة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تميم بن لويّ بن غالب كانت حمقاء تغزل الشعر فإذا غزلته نقضته ثمّ عادت فغزلته فقال الله كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها الآية قال إنّ الله تعالى أمر بالوفاءِ ونهى عن نقض العهد فضرب لهم مثلاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ دغلاً وخيانة وَمكراً وخديعة وذلك لأنّهم كانوا حين عهدهم يضمرون الخيانة والنّاس يسكنون إلى عهدهم والدّخل أن يكون الباطن خلاف الظاهر وأصله أن يدخل الشيء ما لم يكن منه أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ يعني لا تنقضوا العهد بسبب أن يكون جماعة وهي كفرة قريش أزيد عدداً وأوفر مالاً من أمّة يعني جماعة المؤمنين إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ إنّما يختبركم بكونهم أربى لينظر أتوفون بعهد الله أم تغترّون بكثرة قريش وقوّتهم وثروتهم وقلة المؤمنين وضعفهم وفقرهم وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وعيد وتحذير من مخالفة الرّسول صلَّى الله عليه وآله وسلم.
(٩٣) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً مسلمة مؤمنة وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ بالخذلان وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ بالتوفيق وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ سؤال تبكيت ومجاراة (١)
(٩٤) وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ تصريح بالنّهي عنه بعد التّضمين تأكيداً ومبالغة في قبح المنهي عنه فَتَزِلَّ قَدَمٌ عن محجّة الإِسلام بَعْدَ ثُبُوتِها عليها أي فتضلّوا عن الرّشد بعد أن تكونوا على هدىً يقال زلّ قدم فلان في أمر كذا إذا عدل عن الصّواب والمراد أقدامهم إنّما وحّد ونكّر للدلالة على أنّ زلل قدم واحدة عظيم فكيف بأقدام كثيرة وَتَذُوقُوا السُّوءَ في الدنيا بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بصدودكم أو بصدّكم غيركم عنها لأنّهم لو نقضوا العهد وارتدّوا لاتّخَذ نقضها سنّة يستنّ بها وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ في الآخِرة.
في الجوامِع عن الصادق عليه السلام : نزلت هذه الآيات في ولاية عليّ عليه
__________________
(١) التبكيت التقريع والغلبة بالحجّة. جاراه مجاراة وجراءً جرى معه ق.