بأنّه لم يغوه وعند هذا نقول إنّ هؤلاء الجهّال الذين نسبُوا إلى يوسف الفضيحة ان كانوا من اتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته وان كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا إقرارَ إبليس بطهارته.
(٢٥) وَاسْتَبَقَا الْبابَ أي تسابقا إليه وذلك أنّ يوسف فرّ منها ليخرُج وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ اجتذبته من ورائه فانقدّ قميصه والقدّ الشّقّ طولاً والقطّ الشَّقّ عرضاً وَأَلْفَيا سَيِّدَها وصادفها زوجها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ بادرت إلى هذا القول إيهاماً بأنّها فرّت منه تبرئة لساحتها عند زوجها وما نافية أو استفهاميّة.
(٢٦) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي طالبتني بالمواتاة وانّما قال ذلك دفعاً لما عرضته له من السّجن والعذاب ولو لم تكذب عليه لما قاله وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها وهو صبيّ (١) من أهلها زائر لها كما يأتي عن السّجّاد عليه السلام.
والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : ألهم الله عزّ وجلّ يوسف أن قال للملك سل هذا الصّبيّ في المهد فانه سيشهد انّها راودتني عن نفسي فقال العزيز لِلصبيّ فأنطق الله الصبيّ في المهد ليوسف فقال إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ لأنّه يدلّ على أنّها قدّت قميصه من قدّامه بالدّفع عن نفسها أو أنّه أسرع خلفها فتعثر بذيله فانقدّ جيبه.
(٢٧) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ لأنّه يدلّ على أنّها تبعته فاجتذبت ثوبه فقدّته.
(٢٨) فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَ من حيلتكنّ والخطاب لها وَلأمثالها من النّساءِ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ لأنّه يعلق بالقلب ويؤثّر في النّفس لمواجهتهنّ به بخلاف كيد الشيطان فانّه يوسوس به مسارقة.
__________________
(١) قيل كان الصّبيّ ابن أخت زليخا وهو ابن ثلاثة أشهر م ن.