رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يقول والدليل عليه كتاب الله خلق الله الناس على ثلاث طبقات وأنزلهم ثلاث منازل (١) وذلك قول الله عزّ وجلّ في الكتاب أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ فأمّا ما ذكره من أَمَرّ (٢) السابقين فانّهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين جعل الله فيهم خمسة أرواح روح القدس وروح الإِيمان وروح القوّة وروح الشّهوة وروح البدن فبروحِ القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين وبها علموا الأشياء وبروح الإِيمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئاً وبروح القوّة جاهدوا عدوّهم وعالجُوا معاشهم وبروح الشّهوة أصابوا لذيذ الطّعام ونكحُوا الحلال من [شوابّ شباب] النساءِ وبروح البَدَن دبّوا ودرجوا فهؤلاءِ مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ثمّ قال : قال الله تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ثمّ قال في جماعتهم وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ يقول أكرمهم بها ففضّلهم على من سواهم فهؤلاءِ مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ثمّ ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقّاً بأعيانهم جعل الله فيهم أربعة أرواح روح الإِيمان وروح القوّة وروح الشّهوة وروح البدن فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتّى يأتي عليه حالات فقال الرجل يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات فقال أمّا أوليهنّ فهو كما قال الله وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً فهذا ينتقص منه جميع الأرواح وليس بالذي يخرج من دين الله لأنّ الفاعل به ردّه إلى أرذل العمر فهو لا يعرف للصلوة وقتاً ولا يستطيع التهجّد بالليل ولا بالنّهار ولا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان من روحِ الإِيمان وليس يضرّه شيئاً ومنهم من ينتقص
__________________
الإِنسان انّما يبعث على ما مات عليه فإذا مات الكبير على غير معرفة فكيف يبعث عارفاً قلت لما كان مانعه عن الالتفات الى معارفه امراً عارضاً فلمّا زال ذلك بالموت برزت له معارفه الّتي كانت كامنة في ذاته بخلاف من لم تحصل له المعرفة اصلاً فانّه ليس في ذاته شيء ليبرز له «وافي».
(١) ثلاث منازل عبارة عن ثلاث مراتب مذكورة للأرواح الثّلاثة وحاصل الجواب ان مرتكب الكبيرة بدون الإصرار ليس داخلاً في أصحاب المشأمة فانّ المذكور في مرتبتهم انّهم كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ فهم داخلون في أصحاب الميمنة.
(٢) أمرَّ بفتح الميم وتشديد المهملة أي أقوى وأعقل مأخوذ من المرّة بالكسر وهي القوّة وشدّة العقل.