تداخله إنّما هي كالكلل للبَدَن محيطة به.
وفي الاحتجاج عنه عليه السلام : الروح لا يوصف بثقل ولا خفّة وهي جسم رقيق ألبس قالباً كثيفاً فهي بمنزلة الرّيح في الزق فإذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزّق ولوجها ولا ينقصه خروجها وكذلك الرّوح وليس لها ثقل ولا وزن قيل أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق قال بل هو باق إلى يوم ينفخ في الصور فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حسّ ولا محسوس ثمّ أعيدت الأشياء كما بدأها مدبّرها وذلك أربعمائة سنة نسيت فيها الخلق وذلك بين النفختين.
وقال عليه السلام أيضاً : إِن الرّوح مقيمة في مكانها روح المُحسن في ضياء وفسحة وروح المسيء في ضيق وظلمة والبدن يصير تراباً الحديث.
وروي أنّه قال : وبها يؤمر البدن وينهى ويثاب ويعاقب وقد تفارقه ويلبسهَا الله سبحانه غيره كما تقتضيه حكمته قوله وقد تفارقه ويلبسها الله غيره صريح في أنّها مفارقة عن البَدَن مستقلّة وان ليس المراد بها الرّوح البخاري وأمّا اطلاق الجسم عليها فلأنّ نشأة الملكوت أيضاً جسمانيّة من حيث الصورة وان كانت روحانية من جهة المعنى غير مدركة بهذه الحواس وأمّا قوله فهي بمنزلة الريح في الزق فهي تمثيل لما به يحصل الحيوة وبيان لمعنى نفخها في البدن كما مرّت الإِشارة إليه آنفاً.
وليعلم أنَّ الأرواح متعدّدة في بدن الإِنسان ويزيد عَدَدُهَا بزيادة صاحبها في الفضل والشرف كما استفاض به الأخبار عن الأئمّة الأطهار ففي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام : أنّه جاء رجل إليه فقال يا أمير المؤمنين إنّ أناساً زعموا أنّ العبد لا يزني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ولا يأكل الرّبا وهو مؤمن ولا يسفك الدم الحرام وهو مؤمن فقد ثقل عليّ هذا وحرج منه صدري حين أزعم أنّ هذا العبد يصليّ صلوتي ويدعو دعائي ويناكحني وأناكحه ويوارثني وأوارثه وقد خرج من الإِيمان من أجل ذنب يسير أصابه فقال أمير المؤمنين عليه السلام صدقت (١) سمعت
__________________
(١) بيانٌ صدقت على البناء للمفعول أي صدقوك فيما زعموا وليس بالّذي يخرج من دين الله ان قيل قد ثبت أنّ