أَجْراً عَظِيماً) (٤ : ٧٤)(١).
فأنفس المؤمنين وأموالهم في هذه التجارة المربحة هي بمنزلة العروض المبيعة ، والأعواض المضمونة هي بمنزلة الأثمان المنقودة ، والصفقة رابحة خالصة غير فالسة ولا كالسة ، لزيادة الأثمان على السلع ، وإضعاف الأعواض على القيم.
وهنا الجنة جنتان جنة الجنان وجنة الرضوان ، ومبتغى أهل الله في الأصل هو الثاني : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٢ : ٢٠٧) إذ (رِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) (٩ : ٧٢).
وهنا «اشترى» منذ الفطرة إلى العقلية الإنسانية ، إلى العقلية الإيمانية ، وهم قابلون هذه التجارة الرابحة المربحة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٦١ : ١١).
ثم «أنفسهم» تعني إلى أنفسهم الذاتية ، الذين يتعلقون بهم كأنفسهم نسبيا أو سببا ، كما أن «أموالهم» تعم إلى الحاضرة ، الأموال التي بإمكانهم الحصول عليها ، مضحّين بكل طاقاتهم وإمكانياتهم ف (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) ثم لهم إحدى الحسنيين «فيقتلون» وهي
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٨٠ ـ أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي وغيره قال قال عبد الله ابن رواحة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، قال : اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم قالوا : فإذا فعلنا ذلك فما لنا قال : الجنة ، قال : ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزلت هذه الآية ، وفيه أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في المسجد فكبر الناس في المسجد فأقبل رجل من الأنصار ثانيا طرفي ردائه على عاتقه فقال يا رسول الله أنزلت هذه الآية؟ قال : نعم فقال الأنصاري : بيع ربيح لا نقيل ولا نستقيل.