حسنى الغلبة على أعداءهم «ويقتلون» كخطوة أخيرة حين لا يتمكنون أن يقتلوا أو يحافظوا على حياتهم فيقدّمون حياتهم لإحياء سبيل الله وهي الحسنى الأخرى ، وقد يجمعون بينهما أن يقتلوا ثم يقتلوا وهما على سواء لهم (فِي سَبِيلِ اللهِ) وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «من سل سيفه في سبيل الله فقد بايع الله» (١).
وذلك (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) بمراتبها حسب مراتبهم في هذه التجارة ، وعليا ها هي جنة الرضوان.
(وَعْداً عَلَيْهِ) إذ كتب على نفسه هذه الرحمة الغالية المتعالية (فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) فإن في هذه الكتب الثلاثة تشجيعات وذكريات عن المقاتلين في سبيل الله بما كتب الله على نفسه (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) ومن هذه الجنة هنا إحدى الحسنيين.
(إِنَّ اللهَ اشْتَرى ..) فمنهم من ينسى عهده توانيا عن القتال ، ومنهم الموفي بعهده «ومن أوفى بعهده الذي عاهد عليه الله» يقال لهم : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ) وبيعهم هنا مبيعهم : (أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) حيث بايعوا به (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) ـ (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
هنا (فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) تسوّي في حقل الجهاد بالأنفس فاعلية القتل ومفعوليته ، فإن قتل وقتل فقد جمع بين الجهادين ، وإن فاز بأحدهما فهو شهيد في جانب واحد ، وعلى أية حال فالشهيد القتيل في سبيل الله له درجة عند الله عالية غالية ، وإليكم مقتطفات مما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحق الشهداء في سبيل الله :
«لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ..» (٢) و «توكل
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٨٠ ـ أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ..
(٢) مفتاح كنوز السنة بخ ـ ل ٥٦ ب ٧ و ١١٩ ، ل ٩ ب ١ ونس ـ ل ٢٥ ب ٣ و ٢٠ ومج ـ ك ٢٤ ب ١ وما ـ ل ٢١ ح ٢٧ و ٤٠ وحم ـ ثان ص ٢٣١ و ٣٨٤ و ٤٢٤ و ٤٧٣ و ٤٩٦ و ٥٠٢.