أَغْنِياءُ) والقصد من الغنى هنا ما يتمكن فيه من الإنفاق للجهاد بنفسه إن أمكن وبمن سواه ، وتجهيزا لمن لا يجد ، إن لم يمكن ، فمسؤولية الجهاد طليقة قدر الإمكانية بالنفس والنفيس ، بالدم والمال والتوجيهات الحربية والنصائح الراجعة إلى صالح الحرب وما سواها من سبل الله.
(رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) المتخلّفين عن مكنتهم أو القاصرين العجّز نساء ورجالا وأطفالا (وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) مدى جريمتهم النكراء في التخلف عن الجهاد في سبيل الله.
(يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٩٤).
(يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ) : المجاهدين ، غادرين إذ مضى ما مضى وأنتم سالمون (إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ) من النضال (قُلْ لا تَعْتَذِرُوا) إذ (لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) ثقة بصدقكم قضية اعتذاركم.
ولأن «لن» تؤيد السلب فقد تدل على أنهم غادرون في اعتذارهم وسواه على طول الخط حتى يلاقوا يومهم الذين كانوا يوعدون.
إذ (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) أن لن تؤمنوا ف (لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) إيمان التأمين لتصديقكم وأمنه (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) في المستقبل كما مضى «ثم» بعد مثلث زمان الغدر والنفاق ، المحلق على حياة التكليف ككل (تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) وهناك (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) إنباء عرض الأعمال كما صدرت ، وإنباء النتيجة كما أنتجت : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٣ : ٣٠).
(سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٩٥).
(سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ) معتذرين أنهم صادقون ، أم ومهما يكن في أمر