ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٦ : ١٤٣).
فضمير الغائب في «حقه» راجع ـ لأقل تقدير ـ إلى الأخير : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) ويكفي هذا تجاوزا عن التسعة الشهيرة! ولكنه راجع بظاهره ـ إلى كل المذكورات هنا ، ف (جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) تشمل كافة الجنات بكل الفواكه الناتجة عنها دونما استثناء ، كما (الزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) تشمل كل ما يزرع ، فأين حصر الزكاة في الغلات الأربع ونص الآية لا سيما في الزيتون والرمان يعارضه.
ثم «حقه» تلمح صارحة بحق معلوم ، ومن ثم (يَوْمَ حَصادِهِ) تختصه بيوم الحصاد ، مما يخصصه بالزكوة ، إذ لا حق معلوما يوم الحصاد إلّا الزكوة (١) والقول ألّا إسراف في الحق المعلوم ، يرد هنا بأن المعلوم هو
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٤٩ ـ أخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : الصدقة التي فيه ذكر لنا إن نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سن فيما سقت السماء أو العين السائحة أو سقى النيل أو كان بعلا العشر كاملا وفيما سقي بالرشا نصف العشر وهذا فيما يكال من الثمر ، قال : وكان يقال إذا بلغت الثمرة خمسة أوسق وهو ثلاثمائة صاع فقد حقت فيه الزكاة قال : وكانوا يستحبون أن يعطى مما لا يكال من الثمرة على نحو ما يكال منها.
وفيه أخرج ابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية قال : «ما سقط من السنبل» أقول : قد يعني واجب الزكاة دون نصاب في مكة قبل تقرير النصاب.
وفي نور الثقلين ١ : ٧٦٩ في تفسير العياشي عن سماعة عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يكره أن يصرم النخل بالليل وان يحصد الزرع بالليل لأن الله يقول : وآتوا حقه يوم حصاده قيل يا نبي الله وما حقه؟ قال : ناول منه المسكين والسائل. أقول : وهذا من تفسير الآية مكيا قبل تقرير النصاب. وفيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية فسماه الله حقا قال قلت : وما حقه يوم حصاده؟ قال : الضغث وتتأوله من حضرك من أهل الخاصة. أقول : وهكذا الأمر هنا.
وفي الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير في الآية «هذا من الصدقة يعطي المسكين القبضة بعد القبضة ومن الجراذ الحفنة بعد الحفنة حتى يفرغ».