العفو الوسط ، والإسراف يعم جانبي الإفراط والتفريط ، ف «حقه» هو العفو الوسط إذ كان ذلك قبل تقرير نصابات الزكاة ، فإنها ابتدأت من العهد المدني أم يعني الإسراف في المصرف ، فكما لا تبذير فيه كذلك لا إسراف ، و «حقه» إذا ما زاد عن حاجيات الحياة ، فإن المبذر أو المسرف إنما ينقص فيهما عن (حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) توفيرا لنفسه ، إسرافا أو تبذيرا أو كنزا ، مثلثا من المحرمات لا يسمح لشيء منها في شرعة الله.
ولم يمنع جماعة من أعلام الفقهاء والمفسرين عن أن ذلك الحق هو الزكوة إلا مكية الآية ، زعم أن فريضة الزكوة مدنية ، رغم أن زهاء النصف من آيات الزكوة مكيات!.
ومتضارب الروايات في تفسير (حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) معروضة على هذه الآية حقها ، فتطرح أو تول المخالفة لحقها (١) وهي لأقل تقدير تفرض حقا في الأكثر من التسعة المشهورة.
ومنها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ
__________________
ـ وفي الوسائل ٦ : ١٣٤ عن أبي مريم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : «تعطي المسكين يوم حصادك الضغث ثم إذا وقع في البيدر ثم إذا وقع في الصاع العشر ونصف العشر» أقول : وهذا تفسير الآية مدنيا بعد تقرير النصاب. ويعارضه خبر معاوية بن شريح سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : في الزرع حقان حق تؤخذ به وحق تعطيه قلت وما الذي أؤخذ به وما الذي أعطيه؟ قال : أما الذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر وأما الذي تعطيه فقول الله عزّ وجلّ (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) يعني من حضرك الشيء بعد الشيء ولا أعلمه إلا قال : الضغث ثم الضغث حتى يفرغ ، أقول : عله يعني الحق المحلق على النصاب لأنها نزلت قبل تقرير النصاب.
(١) في فروع الكافي ٣ : ٥١٠ محمد بن مسلم قال : سألته عن الحبوب ما يزكى منها؟ قال : البر والشعير والذرة والدخن والأرز والسّلت والعدس والسمسم كل هذا يزكى وأشباهه.
أقول : السّلت هو الشعير أو غير ذي القشر منه.
وفيه عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله وقال : كل ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق