كثيرا ، إذا فكيف يستدل ب «كثيرة» هنا أنها معنية لأقل تقدير فيما تطلق بحقل الإنفاق أم سواه؟ (١).
ثم «كثيرة» في مواطن القتال هي أكثر كثيرة ، ومن ثمّ هي في مواطن أخرى بين كثيرة وقليلة ، والثالثة هي الأخرى قلة قليلة ، فمن ينذر أن يتزوج كثيرا لا تعدو كثرته أربعا وما زاد ، والذي يملك مليارات حين ينذر أن يدفع كثيرا لا يعد ثمانون منه إلّا أقل قليل!.
إذا فالكثيرة في كل حقل وحالة وملابسة لها حدّها كما تعرفها أعرافها ، دون أن يحد لها حد خاص هو قليل أو أقل قليل في بعض ، أم كثير أو أكثر كثير في آخر وبينهما عوان.
(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) وهو واد بين مكة والطائف وقعت فيه غزوة حنين حيث تناصر فيها هوازن وثقيف على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والذين معه ، فانهزموا في البداية ثم هزموا بنصر الله في النهاية ، واختصاص (يَوْمَ حُنَيْنٍ) بالذكر بين كل المواطن دليل أنه أهم مما سواه ، وحتى من فتح مكة ، فإن تغلّب زهاء ثمانين من المؤمنين على أربعة آلاف هو منقطع النظير في كل تاريخ الحروب! : فلما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة وقد بقيت من رمضان أيام خرج متجها إلى حنين لقتال هوازن وثقيف بعد ما بلغه انهم جمعوا له ليقاتلوه ، فسبقهم إلى أرض
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٩٦ في معاني الأخبار عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال في رجل نذر أن يتصدق بمبال كثير فقال : الكثير ثمانون فما زاد لقول الله تبارك وتعالى (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) وكانت ثمانين مو طنا. وفي تفسير العياشي يوسف بن السخت وتفسير القمي محمد بن عمير وفي الكافي مرسلا كان المتوكل اعتل علة شديدة فنذر إن عافاه الله أن يتصدق بدنانير كثيرة أو قال : بدراهم كثيرة فعوفي فجمع العلماء فسألهم عن ذلك فاختلفوا عليه ، قال أحدهم : عشرة آلاف وقال بعضهم : مائة ألف ، فلما اختلفوا قال له عيّاده : ابعث إلى ابن عمك محمد بن علي الرضا (عليه السلام) فاسأله فبعث إليه فسأله فقال : الكثير ثمانون ، فقالوا رد إليه الرسول فقل من أين قلت ذلك؟ فقال : من قول الله تبارك وتعالى (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) ، وكانت المواطن ثمانين موطنا».