وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥) إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(٣٦)
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)(٢٥).
«لقد» في تأكيدين اثنين (نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) : من جبهات القتال وسواها ، حيث عشتم نصر الله ، (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) فلما كثرتم فأعجبتكم كثرتكم انكسرتم حيث انفلت عنكم صالح التوكل على الله ورجاء نصر الله (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) حين تركتم ما يغنيكم من نصر الله (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ) : أرض المعركة أم وسواها (بِما رَحُبَتْ) رحبة كأرض الصراع والوقاع لمكان كثرتكم أم ككل الأرض ، وضيقة بما ضيقكم إعجابكم وثقتكم بأنفسكم (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) فرارا عن عدوكم ، وفي الأثر أن (مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) هذه هي ثمانون موطنا.
وترى «كثيرة» هنا دليل عناية ثمانين فيما تطلق على أية حال؟ والمطلق إذا عني أكثر منها أو أقل لا يعني من كثرته إلّا ما عنى ، وإذا لم يعن حدا معينا فعرفية الكثرات تختلف حسب الحالات والملابسات والإمكانيات ، فمن مقلّ كثيرة أقل من ثمانين بكثير ، ومن مكثر ثريّ كثيرة أكثر منه بكثير طالما اتفق ، صدق «كثيرة» لمن يملك مالا يعد الثمانون له