الذي ليس بمكلّب فأدركت ذكاته فكل وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل» (١).
وما لم يمسك عليك كواجب الإمساك فلا تأكل منه وإن كان مكلّبا معلّما ، إلّا إذا أدركت ذكاته تسمية وذبحا ، حيث التسمية عند الإرسال إنما تكفي إذا كان إرسالا لصالح الصيد بشروطه ، ولا يدل (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) على عدم أكلها منه بل المانع إمساكها على نفسها أو أكلها حتى تشبع وما أشبه.
وأما (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) فإلى م يرجع ضمير الغائب؟ إلى «ما علمتم» تسمية عليه عند الإرسال ، كما يروى عن الرسول (ص): «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل» (٢) أم إلى «ما أمسكن» يعني إذا أدركت ذكاته فسمّ حيث التسمية عند الإرسال إنما تكفي فيما لا تدرك ذكاته؟ أم إلى الأكل «فكلوا» ، .. (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) عند الأكل.
الاحتمال الأخير غير وارد إلا استحبابا لذكر اسم الله ، والأوّل أصيل ككل شرطا في صالح الإرسال ، لأنه بحكم الذبح الذي يشترط فيه ذكر اسم الله ، والأوسط وسيط على الهامش ، شرطا فيما لم يقتل الصيد بصيده.
ولماذا (أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) دون «لكم»؟ لأن في «لكم» لمحة تسهيم وتقسيم ، و «عليكم» تلمح بأصالة الإمساك المتكلّف فيه للجارحة ، فعدم شبعها تكلّف ، وإمساكها لكم تكلف فضلا عن إمساكها عليكم!.
وخلاصة القول في (وَما عَلَّمْتُمْ ..) أن الجوارح التي بالإمكان تعليمها مما علمكم الله في حقل الصيد إنسانيا وشرعيا ، تعليما عمليا دون إحراج ،
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٦١ ـ أخرج عبد بن حميد عن مكحول قال قال رسول الله (ص): ما أمسك ...