العذاب المستحق أيا كانت الفدية لو كانت بيد الكافر والظالم والمجرم غير المستجيب لربه ، وليست الشفاعة من باب الفداء حتى تستحيل ، ثم وليست لأمثال هؤلاء الكفار الذين لا يستحقون إلّا النار ، لحد لا خروج لهم منها :
(يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٣٧).
فإرادة الخروج من النار بأية محاولة هي طبيعة الحال لمن في النار ، ولكن (ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) حيث استحقوا الخلود الأبد (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) في النار.
أترى مقيم العذاب دليل للأبدية اللانهائية المزعومة المفتراة على الله؟ كلّا ، فإن (ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) تنفي فقط خروجهم عن النار ، ولا تثبت الأبدية اللّانهائية للنار حتى يؤبدوا هم في هذه اللّانهائية ، وكما و (لَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) تقيمهم في النار ما داموا هم ودامت النار ، فقد يأتي هناك يوم لا نار فيه ولا أهل نار ، حيث ذاقوا وبال أمرهم المحدد بحدود أعمالهم بخلفيّاتها المحدودة ، ثم المزيد على العذاب المستحق ظلم (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) و (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) ف (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فإنما هو فقط (جَزاءً وِفاقاً) لا مزيد فيه على مستحق السيئة.
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٩).
آية منقطعة النظير تحمل جزاء السرقة ونكالها في الشرعة القرآنية بصورة مجملة جميلة وضاءة ، نسبر غور البحث عن مختلف مواضيعها في جهات عدة ، على ضوء السنة المباركة الإسلامية الموضّحة لما أجمل فيها ، المحدّدة غير محدودها ، كما يناسب سفر التفسير.