فإنما يصيده حتى يؤكل ، سواء أكان هو الآكل أم سواه ، فلأن الصياد وجارحة الصيد شريكان في الصيد فلتكن كأي شريك فلا يأكل كله ، إنما بعضه أو نصيبه حسب الحاجة.
وهنا طليق الشرط : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) يلحقه طليق الجزاء (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) فلا يشترط إلّا كون الصياد من الجوارح المعلّمة الممسكة عليكم صيدها ، سواء أقتلته أم لم تقتله ما لم تأكل كلّه.
وهنا (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) تشترط أن تصيد الجارحة وتمسك عليكم لا على نفسها ، فواجهة تعلمونهن مما علمكم الله هي الصيد لصاحبها كيفما كان أخذها إياه.
وجملة القول في الجارحة المعلمة أنك إذا أرسلتها استرسلت ، وإذا دعوتها أجابت ، وإذا أردتها لم تفر ، وإذا أخذت حبست ولم تأكل اللهم إلّا قلّا ، فإذا تكررت منها هذه فهي معلّمة يحل صيدها إذا أمسكت عليك وذكرت اسم الله عند إرسالها (١).
وترى (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ماذا يعني تبعيضه؟ لو كان «ما أمسكن» لدل على أكل كله وهو لا يجوز فإن في الصيد أجزاء محرمة ، ثم «مما أمسكن» لا تدل على واجب إمساك كل الصيد كشرط لحله ، فقد يكفي أن يمسك عليكم كأصل في صيده وإن أكل بعضا كما هو طبع الكلب في جارح الصيد (٢) ثم قد يكون «ما أمسكن» كل الصيد فليس للصياد أن يأكل كله
__________________
(١) كما يروى عن النبي (ص) وفي تفسير الفخر الرازي ١١ : ١٤٤ عن عدي بن حاتم عنه (ص) «إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله فإن أدركته ولم يقتل فاذبح وأذكر اسم الله عليه وإن أدركته وقد قتل ولم يأكل فكل فقد أمسك عليك وإن وجدته قد أكل فلا تطعم منه شيئا فإنما أمسك على نفسه».
(٢) ومما يدل عليه صحيحة رفاعة سألت أبا عبد الله (ع) عن الكلب يقتل؟ فقال : كل ، فقلت إن ـ