اللهُ) يعني علم الصيد الصالح إنسانيا وشرعيا ، فإن الصياد يجرح أو يقتل ثم يعده للأكل ، فلذلك جارحة الصيد تعلّم ألا يأكل الصيد حاله.
ولأن جارحة الصيد مرسلة عن الصياد ، فلتكن ـ ككل مرسل ـ أمينة لا تقتل ولا تأكل حيوانيا مفترسا ، و (مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) تبعّض ذلك التعليم اختصاصا بما يمكن في العادة تعليمه من الحفاظ على أمانة الصيد ، إذ ليست الجارحة ـ أيا كانت وكيفما كانت ـ لتتعلم كلّما علّمه الإنسان إنسانيا ، فضلا عما علّمه شرعيا ، فمن الواجهة الإنسانية تعلّم الجارحة العدل في أصل الصيد وفصله ، ألا تفترسه إلّا قدر الضرورة للحصول عليه ، ولا تأكل كله أو كثيرا منه ، اللهم إلّا قدر الحاجة الحاضرة ، فتمسك لصاحبها ما يصدق : (أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ).
ذلك ، وأن تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه في صالح الصيد وطالحه ، فكلّما يمكن في العادة ـ دون حرج أو عسر ـ تعليمه إياها مما علّمه الصياد نفسه ، يجب أن يعلمه إياها تعليما تطبيقيا ، لا فقط نظريا ، فحين تعلّم ولا تطبّق ما تعلمته فهي كما لم تعلّم على سواء.
إذا فالحالة الإنسانية مع الهالة الإيمانية تطبّقان في ذلك التعليم لمكان (مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) حيث المخاطبون هم المؤمنون ، وهنا يحل صيدها (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ).
ومن الخارج عن طوق التعليم ذكر اسم الله عليه ، والتوجيه للقبلة وفري الأوداج ، ومما هو داخل في طوق التعليم ألا تخنقه أو ترديه وما أشبه من مصاديق الإماتة حيوانيا مفترسا اللهم إلا عند الضرورة وبقدرها ، فإذا اكتملت هذه الشروط الأدبية الأديبة (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) فالإمساك عليكم كلا أو بعضا ادبيا قاصدا هو مما علمكم الله كما في كل موكّل بأمر ، حيث الصياد ليس ليأكل صيده حاله وحالّه ، فضلا عن الموكّل في صيده.