ومن «الطيبات» في حقل اللحوم هنا (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) وتراها تختص بجوارح الكلاب المختصة بالصيد ، المعلّمة له ، لمحة من «مكلبين»؟
و «الجوارح» تعم الكلب إلى كل سبع جارح معلّم ، فلو عني الكلاب لجيء بلفظها دون عامة «الجوارح» ، والتكليب هو تعليم الكلب الصالح للجوارح ، وأصل الكلب من الكلب : الجرح ، لأنه من الجوارح ، فهو لفظ عام يشمل كل الجوارح ، وهنا «من الجوارح» دون «الكلاب» مما يوسع نطاق الصيد إلى كل ما يكلب من الجوارح دون اختصاص بالكلاب وما تفسير «الجوارح» ب «الكلاب» إلّا تفسيرا بأعود المصاديق التي يعيشها الإنسان وهي الكلاب (١) ، وتخصيص الجوارح بالكلاب ـ وهي عشرات أنواع ، إخراجا للأكثرية المطلقة عن ذلك الجمع المستغرق لكل الجوارح ، لا سيما وأن اللام فيها تعني الموصول ـ غير صحيح فهي التي تجرح من الحيوان أيّا كان ،
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٩١ عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : في كتاب علي (ع) في قول الله عز وجل (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) قال : «هي الكلاب».
وفيه (٥٩٢) عن الكافي عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين يذكيه بها أيدعه حتى يقتله ويأكل منه؟ قال : لا بأس قال الله عز وجل «فكلوا مما أسكن عليكم ولا ينبغي أن يؤكل ما قتله الفهد».
وفي صحيح الحذاء عن أبي عبد الله (ع) في حديث : «ليس شيء مكلب إلا الكلب» (الكافي ٦ : ٢٠٣) أقول : «مكلب يعني معلم الكلب ، وهذا دليل أن غير الكلب لا يكلب في الأغلب ، وأما إذا كلب فقد يحل صيده» وقال الحلبي قال أبو عبد الله (ع) كان أبي يفتي وكان يتقي ونحن نخاف في صيد البزاة والصقور وأما الآن فإنا لا نخاف ولا نحل صيدها إلا أن تدرك ذكاته فإنه في كتاب علي (ع) أن الله عز وجل يقول : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) فسمّى الكلاب (الكافي ٦ : ٢٠٧ والتهذيب ٣ : ٢٤٦ والإستبصار ٤ : ٧٣ واللفظ للكافي).
وفي آيات الأحكام للجصاص ٢ : ٣٨٤ روى صخر بن جويرية عن نافع قال : وجدت في كتاب لعلي بن أبي طالب (ع) قال : لا يصلح أكل ما قتلته البزاة ، وفيه روى سلمة بن علقمة عن نافع أن عليا كره ما قتلت الصقور.