النسناس أم وكثرة منهم كثيرة عملت فيهم عوامل الحيونات والشيطنات والإباحيات فتناسوا فطرة الناس فتحللوا إلى طبيعة النسناس.
فكلما تستطيبه الفطرة والحس والعقلية السليمة الإنسانية ولا تمجّه هي من الطيبات ، وما تمجّه هي من الخبائث. والمختلف فيه بين مختلف الفطر السليمة لا تعتبر من الخبائث ، فالميزان في الطيبات والخبائث هو الفطرة والحس والعقلية السليمة ، مثلث من السلامة الإنسانية إضافة إلى قضية الإيمان ، فإن حالة الإيمان هي حالة قدسية تكاملية لإنسانية الإنسان ، يصح أن تكون هي المحور الأصيل لتمييز الخبائث عن الطيبات ، دون الإنسان المنحرف عن إنسانيته ، المنجرف إلى حيوانيته ، فكما لا يمكن تحويل معرفة الحكم الشرعي وموضوعه السليم إلى العقول المتخلّفة المختلفة ، المتفاوتة ، كذلك وبأحرى تحويل معرفة هذين الموضوعين الهامّين لضابطة المحلّلات والمحرمات ، اللهم إلّا إلى الفطر السليمة التي لا تتخلف عن الواقع المرام.
وإذا ترددنا في طيب شيء أو خبثه فالرجوع إلى دلالة شرعية صالحة من علم أو اثارة من علم ، وإلّا فالأصل هو الحلّ حيث الحرمة مختصة بالخبائث والمردد في خبثه وطيبه لا يحكم بخبثه مهما لم يحكم بطيبه ، فيدخل في عامة الحلّ حيث (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٢ : ٢٩).
ولقد جاء حل «الطيبات» في عشرين موضعا من القرآن ، و «الخبائث» مرة واحدة (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) (٧ : ١٥٧) وأخرى هي الخبيثات : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ) (٢٤ : ٢٦) ولكن الأخيرة تعني الأعمال الخبيثة كما حققناه في آية الخبيثات.
وذلك السلب والإيجاب هما كضابطة عامة تحلق على كافة الأقوال والأحوال والأعمال ، اللهم إلا ما أخرجه قاطع البرهان.